لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 268 - الجزء 5

  وتَهَوَّر وتَهَيَّر، الأَخيرة على المعاقبة، وقد يكون تَفَيْعَل، كُلُّه: تَهَدَّمَ، وقيل: انصدع من خَلْفه وهو ثابت بَعْدُ في مكانه، فإِذا سقط فقد انْهار وتَهَوَّر.

  وفي حديث ابن الضبعاء: فَتَهَوَّرَ القَلِيبُ بمن عليه.

  يقال: هارَ البناءُ يَهُورُ وتَهَوَّر إِذا سقط، وقول بشر بن أَبي خازم:

  بكُلِّ قَرارَةٍ من حيثُ حارَتْ ... رَكِيَّةُ سُنْبُكٍ فيها انْهِيارُ

  قال ابن الأَعرابي: الانهيار موضع لين يَنْهار، سماه بالمصدر وهكذا عبر عنه، وكل ما سقط من أَعلى جُرُفٍ أَو شفير رَكِيَّةٍ في أَسفلها، فقد تَهَوَّرَ وتَدَهْوَرَ.

  وفي حديث خزيمة: تَرَكَتِ المُخَّ راراً والمَطِيَّ هاراً، الهارُ الساقط الضعيف.

  يقال: هُوِ هارٌ وهارٍ وهائِرٌ، فأَما هائِرٌ فهو الأَصل من هارَ يَهُورُ، وأَما هارٌ بالرفع فعلى حذف الهمزة، وأَما هارٍ بالجر فعلى نقل الهمزة إِلى بعد الراء، كما قالوا في شائِك السلاح: شاك السلاح ثم عمل به ما عمل بالمنقوص نحو قاض وداع، ويروى هارّاً، بالتشديد.

  وتَهَوَّر الشتاءُ: ذهب أَشده وأَكثره وانكسر بَرْدُه.

  وتَهَوَّر الليلُ: ذهب، وقيل: تَهَوَّر الليل وَلَّى أَكثره وانكسر ظلامه.

  ويقال في هذا المعنى بعينه: تَوَهَّر الليل والشتاء، وتَوَهَّر الليل إِذا تَهَوَّر.

  وفي الحديث: حتى تَهَوَّرَ الليل أَي ذهب أَكثره.

  الجوهري: ويقال جُرُفٌ هارٍ، خفضوه في موضع الرفع وأَرادوا هائر، وهو مقلوب من الثلاثي⁣(⁣١) إِلى الرباعي كما قلبوا شائك السلاح إِلى شاك السلاح، قال ابن بري: قول الجوهري جرف هار في موضع الرفع وأَصله هائر وهو مقلوب من الثلاثي إِلى الرباعي، قال: هذه العبارة ليست بصحيحة لأَن المقلوب من هائر وغير المقلوب من الثلاثي وهو من هور، أَلا ترى أَنّ هائِراً وهارِياً على وزن فاعل؟ وإِنما أَراد الجوهري أَن قولهم هارٍ هو على ثلاثة أَحرف وهائر على أَربعة أَحرف وليس الأَمر على ذلك أَيضا بل هار على أَربعة أَحرف وإِنما حذفت الياء لسكونها وسكون التنوين، وما حذف لالتقاء الساكنين فهو بمنزلة الموجود، أَلا ترى أَنك إِذا نصبته ثبتت الياء لتحرّكها فتقول: رأَيت جُرفاً هارياً؟ فهو على فاعل، كما أَن قولك رأَيت جرفاً هائراً هو أَيضا على فاعل فقد ثبت أَن كلًا منهما على أَربعة أَحرف.

  وهَوَّرْتُه فَتَهَوَّرَ وانْهارَ أَي انهدم.

  والتَّهَوُّر: الوقوع في الشيء بقلة مبالاة.

  يقال: فلان مُتَهَوِّرٌ.

  واهْتَوَرَ الشيءُ: هلك.

  ابن الأَعرابي: الهائر الساقط والرَّاهي المستقيم والهَوْرَةُ الهَلَكَةُ.

  أَبو عمرو: الهَوَرْوَرَةُ المرأَة الهالكة.

  ورجل هارٌ وهارٍ، الأَخيرة على القلب: ضعيفٌ.

  الأَزهري: رجل هارٍ إِذا كان ضعيفاً في أَمره، وأَنشد:

  ماضي العَزِيمَةِ لا هارٍ ولا خَزِلُ

  وخَرْقٌ هَوْرٌ أَي واسع بعيد، قال ذو الرمة:

  هَيْماءُ يَهْماءُ وخَرْقٌ أَهْيَمُ ... هَوْرٌ، عليه هَبَواتٌ جُثَّمُ،

  لِلرِّيحِ وشْيءٌ فَوْقَه مُنَمْنَمُ

  وهَوَّرْنا عَنَّا القَيْظَ وجَرَمْناه وجَرَّمْناه وكَبَبْناه بمعنىً.

  ويقال: هُرْتُ القوم أَهُورُهُمْ هَوْراً إِذا قتلتهم وكَبَبْتَ بعضهم على بعض كما يَنْهار الجُرُفُ، قال الهذلي:

  فاسْتَدْبَروُهُمْ فَهارُوهُمْ، كأَنَّهُمُ ... أَفْنادُ كَبكَبَ ذاتِ الشَّتِّ والخَزَمِ⁣(⁣٢)


(١) ١ قوله «وهو مقلوب من الثلائي الخ» كذا بالأصل ومثله في نسخ الصحاح ولعل الأولى العكس.

(٢) ١ قوله «أفناد كبكب» جمع فند كحمل وأحمال، وهو الشمراخ من شماريخ الجبل. وكبكب: جبل لهذيل مشرف على موقف عرفة كما في ياقوت.