لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 382 - الجزء 7

  دِرْهَمٌ أَي كفاه، وزادوا النون في قَطْ فقالوا قَطْني، لم يريدوا أَن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأَسماء المتمكنة نحو يَدِي وهَنِي.

  وقال بعضهم: قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي؛ قال الراجز:

  امتَلأَ الحوْضُ وقال: قَطْنِي ... سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي⁣(⁣١)

  وإِنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا تدخل الأَسماء، وإِنما تدخل الفعل الماضي إِذا دخلته ياء المتكلم كقولك ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من الجرّ، وإِنما أَدخلوها في أَسماء مخصوصة قليلة نحو قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي ومنِّي ولَدُنِّي لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أَصل الكلمة لقالوا قَطْنُكَ وهذا غير معلوم.

  وقال ابن بري: عني ومني وقطني ولدني على القياس لأَن نون الوقاية تدخل الأَفعال لِتقيَها الجرّ وتبقي على فتحها، وكذلك هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجرّ فتبقي على سكونها، وقد يُنصب بقَطْ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها ما بعدها، وكلُّ هذا إِذا سمي به ثم حقّر قيل قطيط لأَنه إِذا ثُقِّل فقد كُفِيت، وإِذا خفف فأَصله التثقيل لأَنه من القَطَّ الذي هو القَطْعُ.

  وحكى اللحياني: ما زال هذا مذ قُطُّ يا فتى، بضم القاف والتثقيل، قال: وقد يقال ما لَه إِلا عشرة قَطْ يا فتى، بالتخفيف والجزم، وقَطِّ يا فتى، بالتثقيل والخفض.

  وقَطاطِ: مبنية مثل قَطام أَي حسبي؛ قال عمرو بن مَعْدِيكَرِب:

  أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما ... قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ

  أَي قطْني وحسْبي؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده أَطلت فِراطَكم وقتلت سَراتَكم بكاف الخطاب، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يقول: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي لكم لتخرجوا من حقِّي فلم تفعلوا.

  والقِطُّ: النَّصِيبُ.

  والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ.

  والقِطُّ: الكتاب، وقيل: هو كتاب المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابن بري لأُمَيَّةَ بن أَبي الصلت:

  قَوْم لهم ساحةُ العِراقِ ... جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ

  وفي التنزيل العزيز: عَجِّلْ لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب، والجمع قُطوطٌ؛ قال الأَعشى:

  ولا المَلِكُ النُّعْمانُ، يوم لَقِيتُه ... بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ

  قوله: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قال أَهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا: عجِّل لنا قِطَّنا، أَي نَصِيبنا من العذاب.

  وقال سعيد بن جبير: ذُكرت الجنة فاشْتَهوْا ما فيها فقالوا: ربنا عجِّل لنا قطنا، أَي نصيبنا.

  وقال الفراء: القِطَّ الصحيفة المكتوبة، وإِنما قالوا ذلك حين نزل: فأَمَّا مَن أُوتيَ كتابه بيمينه، فاستهزؤُوا بذلك وقالوا: عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحِساب.

  والقِطُّ في كلام العرب: الصَّكُّ وهو الحظ.

  والقِطُّ: النصيب، وأَصله الصحيفة للإِنسان بصلة يوصل بها، قال: وأَصل القِطَّ من قطَطْتُ.

  وروي عن زيد ابن ثابت وابن عمر أَنَّهما كانا لا يَريانِ ببيع القُطوطِ


(١) قوله [سلا] كذا هو بالأَصل وشرح القاموس، قال: ورواية الجوهري مهلًا أه. ولعل الأولى ملأَّ.