[فصل الخاء]
  والعرب تقول: اللهم إِني أَعُوذ بك من الخُنُوع والخُضُوع؛ فالخانِعُ الذي يدْعو إِلى السوأَة، والخاضِعُ نحوه؛ وقال رؤبة:
  من خالِباتٍ يَخْتَلِبْنَ الخُضَّعا
  قال ابن الأَعرابي: الخُضَّع اللواتي قد خَضَعْن بالقول ومِلْن؛ قال: والرَجل يُخاضِع المرأَةَ وهي تُخاضِعُه إِذا خَضع لها بكلامه وخضَعت له ويَطْمع فيها، ومن هذا قوله: ولا تَخْضَعْن بالقول فيطْمَع الذي في قلبه مرض؛ الخُضوع: الانْقِيادُ والمُطاوعةُ، ويكون لازماً كهذا القول ومتعدياً؛ قال الكميت يصف نساء بالعَفاف:
  إِذْ هُنَّ لا خُضُعُ الحَدِيثِ ... ولا تَكَشَّفَتِ المَفاصِلْ
  وفي الحديث: أَنه نهى أَن يَخْضَع الرجل لغير امرأَته أَي يَلِين لها في القول بما يُطْمِعُها منه.
  والخَضَعُ: تَطامُن في العنق ودُنُوّ من الرأْس إِلى الأَرض، خَضِعَ خَضَعاً، فهو أَخْضَعُ بيِّن الخَضَع، والأُنثى خَضْعاء، وكذلك البعير والفرس.
  وخَضَع الإِنسان خَضْعاً: أَمالَ رأْسَه إِلى الأَرض أَو دنا منها.
  والأَخْضعُ: الذي في عُنقه خُضُوع وتطامُن خلقة.
  يقال: فرس أَخضَعُ بيِّن الخَضَعِ.
  وفي التنزيل: فظَلَّت أَعْناقُهم لها خاضِعين؛ قال أَبو عمرو: خاضِعين ليست من صفة الأَعناق إِنما هي من صفة الكناية عن القوم الذي في آخر الأَعناق فكأَنه في التمثيل: فظلت أَعناق القوم لها خاضعين، والقوم في موضع هم؛ وقال الكسائي: أَراد فظلت أَعناقُهم خاضِعيها هم كما تقول يدُك باسِطُها، تريد أَنت فاكتفَيْتَ بما ابتدأْت من الاسم أَن تُكَرِّره؛ قال الأَزهري: وهذا غير ما قاله أَبو عمرو؛ وقال الفراء: الأَعناق إِذا خَضَعَت فأَربابها خاضِعُون، فجعل الفعل أَوّلاً للأَعْناق ثم جعل خاضِعِين للرِّجال، قال: وهذا كما تقول خَضَعْت لك فتكتفي من قولك خَضَعَتْ لك رقبتي.
  وقال أَبو إِسحق: قال خاضعين وذكَّر الأَعناق لأَن معنى خُضوع الأَعناق هو خضوع أَصحاب الأَعناق، لما لم يكن الخُضوع إِلا خُضوع الأَعناق جاز أَن يخبر عن المضاف إِليه كما قال الشاعر:
  رأَتْ مَرَّ السِّنين أَخَذْنَ منِّي ... كما أَخَذ السِّرارُ من الهِلالِ
  لما كانت السنون لا تكون إِلا بمَرٍّ أَخْبر عن السنين، وإِن كان أَضاف إِليها المرور، قال: وذكر بعضهم وجهاً آخر قالوا: معناه فظلت أَعناقهم لها خاضعين هم وأَضمر هم؛ وأَنشد:
  ترى أَرْباقَهم مُتَقَلِّديها ... كما صَدِئ الحَدِيدُ عن الكُماةِ
  قال: وهذا لا يجوز مثله في القرآن وهو على بدل الغَلط يجوز في الشعر كأَنه قال: ترى أَرْباقَهم، ترى مُتَقَلِّديها كأَنه قال: ترى قوماً مُتقلدين أَرباقهم.
  قال الأَزهري: وهذا الذي قاله الزجاج مذهب الخليل ومذهب سيبويه، قال: وخَضَع في كلام العرب يكون لازماً ويكون متعدياً واقعاً، تقول: خَضَعْتُه فخضَع؛ ومنه قول جرير:
  أَعدَّ الله للشُّعراء مني ... صَواعِقَ يَخْضَعُون لها الرِّقابا
  فجعله واقعاً مُتعدّياً.
  ويقال: خضَع الرجلُ رقبَته