لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الواو]

صفحة 382 - الجزء 8

  فكأَنه مفعول من الدَّعةِ أَي أَنه ينال مُتَّدَعاً من الجرْيِ متروكاً لا يُضْرَبُ ولا يْزْجَرُ ما يسْبِقُ به، وبيت خفاف بن ندبة هذا أَورده الجوهري وفسره فقال أَي متروك لا يضرب ولا يزجر؛ قال ابن بري: مَوْدوعٌ ههنا من الدَّعةِ التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أَنه جرى ولم يَجْهَدْ كما أَوردناه، وقال ابن بزرج: فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ؛ وقال ذو الإِصبَع العَدواني:

  أُقْصِرُ من قَيْدِه وأُودِعُه ... حتى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا

  والدَّعةُ: من وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ.

  وقولهم: عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة والوقار، فإِن قلت: فإِنه لفظ مفْعولٍ ولا فِعْل له إِذا لم يقولوا ودَعْتُه في هذا المعنى؛ قيل: قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حُكي من قولهم رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ، ومُدَرْهَمٌ للكثير الدِّرهم، ولم يقولوا فُئِدَ ولا دُرْهِمَ.

  وقالوا: أَسْعَده الله، فهو مَسْعودٌ، ولا يقال سُعِدَ إِلا في لغة شاذة.

  وإِذا أَمَرْتَ الرجل بالسكينةِ والوَقارِ قلت له: تَوَدَّعْ واتَّدِعْ؛ قال الأَزهري: وعليك بالموْدوعِ من غير أَن تجعل له فعلاً ولا فاعاً مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ، قال الجوهري: وقولهم عليك بالمودوع أَي بالسكينةِ والوقار، قال: لا يقال منه ودَعه كما لا يقال من المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه.

  ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ، كلاهما: سكَن؛ وعليه أَنشد بعضهم بيت الفرزدق:

  وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ، لم يَدَعْ ... من المال إِلَّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ

  فمعنى لم يَدَعْ لم يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ، والجملة بعد زمان في موضع جرّ لكونها صفة له، والعائد منها إِليه محذوف للعلم بموضعه، والتقدير فيه لم يَدَعْ فيه أَو لأَجْلِه من المال إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف، فيرتفع مُسْحت بفعله ومجَلَّفُ عطف عليه، وقيل: معنى قوله لم يدع لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ، وقيل: لم يستقر، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لم يترك من المال إِلَّا شيئاً مُسْتأْصَلاً هالِكاً أَو مجلف كذلك، ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره، قال: وهو كقولك ضربت زيداً وعمروٌ، تريد وعمْرٌو مضروب، فلما لم يظهر له الفعل رفع؛ وأَنشد ابن بري لسويد بن أَبي كاهل:

  أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ ... من سُلَيْمى، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ

  أَي لم يَسْتَقِرّ.

  وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه.

  قال الأَزهري: والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثوباً في صِوانٍ لا يصل إِليه غُبارٌ ولا رِيحٌ.

  وودَعْتُ الثوبَ بالثوب وأَنا أَدَعُه، مخفف.

  وقال أَبو زيد: المِيدَعُ كل ثوب جعلته مِيدَعاً لثوب جديد تُوَدِّعُه به أَي تَصُونه به.

  ويقال: مِيداعةٌ، وجمع المِيدَعِ مَوادِعُ، وأَصله الواو لأَنك ودَّعْتَ به ثوبَك أَي رفَّهْتَه به؛ قال ذو الرمة:

  هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً، إِذا ما تَزَيَّنَتْ ... وشِبْه النَّقا مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ

  وقال الأَصمعي: المِيدَعُ الثوبُ الذي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ به ثيابَ الحُقوق ليوم الحَفْل، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ به المَصونُ.

  وتودَّعَ فلان فلاناً إِذا ابتذله في حاجته.

  وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابتذلها.

  وفي الحديث: صَلى معه عبدُ الله