[فصل الواو]
  ابن أُنَيْسٍ وعليه ثوب مُتَمَزِّقٌ فلما انصرف دعا له بثوب فقال: تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هذا أَي تَصَوَّنْه به، يريد الْبَسْ هذا الذي دفعته إِليك في أَوقات الاحتفال والتزَيُّن.
  والتَّوديعُ: أَن يجعل ثوباً وقايةَ ثوب آخر.
  والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ: ما ودَّعَه به.
  وثوبٌ مِيدعٌ: صفة؛ قال الضبي:
  أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي، وأَتَّقِي ... به الموتَ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ
  وقد يُضاف.
  والمِيدع أَيضاً: الثوب الذي تَبْتَذِله المرأَة في بيتها.
  يقال: هذا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها، ومِيدَعَتُها: التي تُوَدِّعُ بها ثيابها.
  ويقال للثوب الذي يُبْتَذَل: مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل.
  والمِيدعُ والمِيدَعةُ: الثوب الخَلَقُ؛ قال شمر أَنشد ابن أَبي عدْنان:
  في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ ... مُبْتَذَلاتٌ، ما لَهُنَّ مِيدَعُ
  قال: ما لهنَّ مِيدع أَي ما لهن من يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عن العَمَل.
  وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كان يُحْزِنُ، وذلك إِذا كان كلاماً يُحْتَشَمُ منه ولا يستحسن.
  والمِيداعةُ: الرجل الذي يُحب الدَّعةَ؛ عن الفراء.
  وفي الحديث: إِذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّعَ منهم أَي أُهْمِلو وتُرِكوا وما يَرْتَكِبونَ من المَعاصي حتى يُكثِروا منها، ولم يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله، وأَصله من التوْدِيع وهو الترك، قال: وهو من المجاز لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرجل إِذا يَئِسَ من صلاحِه تركه واسْتراحَ من مُعاناةِ النَّصَب معه، ويجوز أَن يكون من قولهم تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه في مِيدَعٍ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويُتَصَوَّن كما يُتَوَقَّى شرار الناس.
  وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِذا مَشَتْ هذه الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّعَ منها.
  ومنه الحديث: اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً وابْتَدِعُوها سالمة أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عنها إِذا لم تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها، وهو افْتَعَلَ من وَدُعَ، بالضم، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّه.
  وايْتَدَعَ، فهو مُتَّدِعٌ أَي صاحب دَعةٍ، أَو من وَدَعَ إِذا تَرَكَ، يقال اتهَدَعَ وابْتَدَعَ على القلب والإِدغام والإِظهار.
  وقولهم: دَعْ هذا أَي اتْرُكْه، ووَدَعَه يَدَعُه: تركه، وهي شاذة، وكلام العرب: دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ، ولا يقولون ودَعْتُكَ ولا وَذَرْتُكَ، استغنوا عنهما بتَرَكْتُكَ والمصدر فيهما تركاً، ولا يقال ودْعاً ولا وَذْراً؛ وحكاهما بعضهم ولا وادِعٌ، وقد جاء في بيت أَنشده الفارسي في البصريات:
  فأَيُّهُما ما أَتْبَعَنَّ، فإِنَّني ... حَزِينٌ على تَرْكِ الذي أَنا وادِعُ
  قال ابن بري: وقد جاء وادِعٌ في شعر مَعْنِ بن أَوْسٍ:
  عليه شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا ... يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه
  وفي التنزيل: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى؛ أَي لم يَقْطَعِ الله الوحيَ عنك ولا أَبْغَضَكَ، وذلك أَنه، ﷺ، اسْتأَخر الوحْيُ عنه فقال ناس من الناس: إِن محمداً قد ودّعه ربه وقَلاه، فأَنزل الله تعالى: ما ودعك ربك وما قلى، المعنى وما قَلاكَ،