لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 10 - الجزء 9

  الموضع أُولِفُه إيلافاً، وكذلك آلَفْتُ الموضِعَ أُؤالِفُه مُؤَالَفة وإلافاً، فصارت صُورةُ أَفْعَلَ وفاعَلَ في الماضي واحدة، وأَلَّفْتُ بين الشيئين تأْلِيفاً فتأَلَّفا وأْتَلَفا.

  وفي التنزيل العزيز: لإِيلافِ قُريش إيلافِهم رِحْلةَ الشِّتاء والصَّيْفِ؛ فيمن جعل الهاء مفعولاً ورحلةَ مفعولاً ثانياً، وقد يجوز أَن يكون المفعول هنا واحداً على قولك آلَفْتُ الشيء كأَلِفْتُه، وتكون الهاء والميم في موضع الفاعل كما تقول عجبت من ضَرْبِ زيدٍ عمراً، وقال أَبو إسحَق في لإِيلافِ قريس ثلاثة أَوجه: لإِيلاف، ولإِلاف، ووجه ثالث لإِلْفِ قُرَيْشٍ، قال: وقد قُرئ بالوجهين الأَولين.

  أَبو عبيد: أَلِفْتُ الشيء وآلَفْتُه بمعنى واحد لزمته، فهو مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ.

  وآلَفَتِ الظَّباءُ الرَّمْلَ إذا أَلِفَتْه؛ قال ذو الرمة:

  مِنَ المُؤْلِفاتِ الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٌ ... شُعاعُ الضُّحَى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُّ

  أَبو زيد: أَلِفْتُ الشيءَ وأَلِفْتُ فلاناً إذا أَنِسْتَ به، وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفاً إذا جَمَعْتَ بينهم بعد تَفَرُّقٍ، وأَلَّفْتُ الشيء تأْلِيفاً إذا وصلْت بعضه ببعض؛ ومنه تأْلِيفُ الكتب.

  وأَلَّفْتُ الشيءَ أَي وصَلْتُه.

  وآلَفْتُ فلاناً الشيء إذا أَلزمته إياه أُولِفُه إيلافاً، والمعنى في قوله تعالى لإِيلافِ قُرَيْشٍ لِتُؤْلَفَ قُريش الرِّحْلَتَيْن فتتصلا ولا تَنْقَطِعا، فاللام متصلة بالسورة التي قبلها، أَي أَهلكَ اللَّه أَصحابَ الفِيلِ لِتُؤْلَفَ قريشٌ رِحْلَتَيْها آمِنِين.

  ابن الأَعرابي: أَصحاب الإِيلافِ أَربعةُ إخوةٍ: هاشمٌ وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف، وكانوا يُؤَلِّفُون الجِوارَ يُتْبِعُون بعضَه بعضاً يُجِيرون قريشاً بمِيَرِهِم وكانوا يُسَمَّوْنَ المُجِيرينَ، فأَمّا هاشم فإنه أَخذ حَبْلاً من ملك الروم، وأَخذ نَوْفَلٌ حَبْلاً من كِسْرى، وأَخذ عبد شمس حبلاً من النجاشي، وأَخذ المطلب حبلاً من ملوك حِمْير، قال: فكان تُجّار قريش يختلفون إلى هذه الأَمصار بحِبال هؤُلاء الإِخوة فلا يُتَعَرَّضُ لهم؛ قال ابن الأَنباري: من قرأَ لإِلافِهم وإلْفِهِم فهما من أَلِفَ يأْلَف، ومن قرأَ لإِيلافهم فهو من آلَفَ يُؤْلِفُ، قال: ومعنى يُؤَلِّفُون يُهَيِّئوُن ويُجَهِّزُون.

  قال أَبو منصور: وهو على قول ابن الأَعرابي بمعنى يُجِيرُون، والإِلْفُ والإِلافُ بمعنى؛ وأَنشد حبيب بن أَوس في باب الهجاء لمُساور بن هند يهجو بني أَسد:

  زَعَمْتُمْ أَن إخْوَتَكم قُرَيْشٌ ... لَهُمْ إلْفٌ، وليس لَكُمْ إلافُ

  وقال الفراء: من قرأَ إلْفِهِمْ فقد يكون من يُؤَلِّفُون، قال: وأَجود من ذلك أَن يُجْعَلَ من يأْلَفون رِحْلةَ الشتاء والصيف.

  والإِيلافُ: من يُؤْلِفُون أَي يُهَيِّئُونَ ويُجَهِّزُون، قال ابن الأَعرابي: كان هاشمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشام، وعبدُ شمس يُؤَلِّف إلى الحَبَشةِ، والمطلبُ إلى اليَمن، ونَوْفَلٌ إلى فارِسَ.

  قال: ويتأَلَّفُون أَي يَسْتَجِيرون؛ قال الأَزهري: ومنه قول أَبي ذؤيب:

  تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً، وتُؤْلِفُ الجِوارَ ... ويُغْشِيها الأَمانَ ذِمامُها

  وفي حديث ابن عباس: وقد عَلِمَتْ قريش أَن أَول من أَخَذ لها الإِيلافَ لَهاشِمٌ؛ الإِيلافُ: العَهْدُ والذِّمامُ، كان هاشم بن عبد مناف أَخذه من الملوك لقريش، وقيل في قوله تعالى لإِيلاف قريش: يقول