لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 147 - الجزء 9

  وقال أَبو عبيدة: أَسْدَفَ الليلُ وأَزْدَفَ وأَشْدَفَ إذا أَرْخَى سُتُورَه وأَظلم، قال: والإِسْدافُ من الأَضْداد، يقال: أَسْدِفْ لنا أَي أَضِئْ لنا.

  وقال أَبو عمرو: إذا كان الرجل قائماً بالباب قلت له: أَسْدِفْ أَي تَنَحَّ عن الباب حتى يُضيءَ البيتُ.

  الجوهري: أَسْدَفَ الصبحُ أَي أَضاء.

  يقال: أَسْدِفِ البابَ أَي افْتَحْه حتى يُضيء البيتُ، وفي لغة هوزان أَسْدِفُوا أَي أَسْرِجُوا من السِّراج.

  الفراء: السَّدَفُ والشَّدَفُ الظلمة، والسَّدَفُ أَيضاً الصُّبح وإقْبالُه؛ وأَنشد الفراء لسَعْدٍ القَرْقَرَةِ، قال المفَضّل: وسعدٌ القَرْقَرةُ رجل من أَهل هَجَرَ وكان النعمان يضحك منه، فدعا النُّعْمان بفرسه اليَحْمُوم وقال لسعدٍ القرقرَة: ارْكبه واطْلُب عليه الوحش، فقال سعد: إذاً واللَّه أُصْرَعُ، فأَبى النعمانُ إلا أَنْ يركبه، فلما ركبه سعد نظر إلى بعض ولده قال: وا بِأَبي وُجُوه اليتامى ثم قال:

  نحنُ، بِغَرْسِ الوَدِيِّ، أَعلَمُنا ... مِنَّا بِرَكْضِ الجِيادِ في السَّدَفِ

  والوَدِيُّ: صِغار النخل، وقوله أَعلمُنا منا جَمعَ بين إضافةِ أَفْعَلَ وبين مِن، وهما لا يجتمعان كما لا تجتمع الأَلف واللام ومن في قولك زيدٌ الأَفضلُ من عمرو، وإنما يجيء هذا في الشعر على أَن تُجعل من بمعنى في كقول الأَعشى:

  ولَسْتُ بالأَكْثَرِ منهم حَصًى

  أَي ولست بالأَكثر فيهم، وكذا أَعلمنا مِنّا أَي فينا؛ وفي حديث وفد تميم:

  ونُطْعِمُ الناسَ؛ عِندَ القَحْطِ، كلَّهُمُ ... من السَّديفِ، إذا لم يُؤنَسِ القَزَعُ

  السَّدِيفُ: لَحم السَّنامِ، والقَزَعُ: السحابُ، أَي نطعم الشحْم في المَحْل؛ وأَنشد الفراء أَيضاً:

  بِيضٌ جِعادٌ كأَنَّ أَعْيُنَهُم ... يَكْحَلُها، في المَلاحِمِ، السَّدَفُ

  يقول: سوادُ أَعينهم في المَلاحِمِ باقٍ لأَنهم أَنجادٌ لا تَبْرُقُ أَعينهم من الفَزَع فيغيب سوادها.

  وأَسْدَفَ القومُ: دخلوا في السُّدفة.

  وليل أَسْدَفُ: مظلم؛ أَنشد يعقوب:

  فلما عَوَى الذِّئبُ مُسْتَعْقِراً ... أَنِسْنا به، والدُّجَى أَسْدَفُ

  وشرح هذا البيت مذكور في موضعه.

  والسَّدَفُ: الليلُ؛ قال الشاعر:

  نَزُورُ العَدوَّ، على نَأْيه ... بأَرْعَنَ كالسَّدَفِ المُظْلِمِ

  وأَنشد ابن بري للهذلي:

  وماءٍ وَرَدْتُ على خِيفَةٍ ... وقد جَنَّه السَّدَفُ المُظلِمُ

  وقول مُلَيْحٍ:

  وذُو هَيْدَبٍ يَمْرِي الغَمامَ بِمُسْدِفٍ ... من البَرْقِ، فيه حَنْتَمٌ مُتَبَعِّجُ

  مُسْدِفٌ هنا: يكون المُضيء والمظلم، وهو من الأَضداد.

  وفي حديث علقمةَ الثَّقفي: كان بلال يأَتينا بالسَّحور ونحن مُسْدِفونَ فيَكْشِفُ القُبَّة فيَسْدفُ لنا طعامنا؛ السُّدْفةُ تَقَعُ على الضِّياء والظلمة، والمراد به في هذا الحديث الإِضاءةُ، فمعنى مُسْدِفون داخلون في السُّدفةِ، ويُسْدِفُ لنا أَي يضيء،