[فصل الخاء]
  وكتب عبد الملك بن مَرْوانَ إِلى وكيل له على ضَيْعة: أَمَّا بعد فلا تَدَعْ خَقّاً من الأَرض ولا لَقَّاً إِلا سَوَّيْته وزرَعْتَه؛ فاللَّقُّ: الشقّ المستطيل وهو الصَّدْعُ، والخَقُّ: حُفْرة غامضة في الأَرض وهو الجُحْر؛ وأَنشد شمر لِلًعين المِنْقَريّ يصف ذكر فرس:
  وقاسِحٍ كَعمُودِ الأَثْلِ يَحْفِزُه ... دَرْكاً حِصان، وصُلْب غَيْر مَعْرُوقِ
  مِثْل الهِراوة مِيثام، إِذا وقَبَتْ ... في مَهْبِلٍ، صادَفَتْ داء اللًخاقِيقِ(١)
  ابن الأَعرابي: الخِقَقةُ الرَّكَواتُ المُتلاحِماتُ، والخِقَقةُ أَيضاً الشُّقوق الضيِّقةُ.
  وفي النوادر: يقال استخَقَّ الفرَسُ وأَخَقَّ وامْتَخَض إِذا اسْتَرْخى سُرْمُه، يقال ذلك في الذكر.
  خلق: الله تعالى وتقدَّس الخالِقُ والخَلَّاقُ، وفي التنزيل: هو الله الخالِق البارئ المصوِّر؛ وفيه: بلى وهو الخَلَّاق العَليم؛ وإِنما قُدّم أَوَّل وَهْلة لأَنه من أَسماء الله جل وعز.
  الأَزهري: ومن صفات الله تعالى الخالق والخلَّاق ولا تجوز هذه الصفة بالأَلف واللام لغير الله ø، وهو الذي أَوجد الأَشياء جميعها بعد أَن لم تكن موجودة، وأَصل الخلق التقدير، فهو باعْتبار تقدير ما منه وجُودُها وبالاعتبار للإِيجادِ على وَفْقِ التقدير خالقٌ.
  والخَلْقُ في كلام العرب: ابتِداع الشيء على مِثال لم يُسبق إِليه: وكل شيء خلَقه الله فهو مُبْتَدِئه على غير مثال سُبق إِليه: أَلا له الخَلق والأَمر تبارك الله أَحسن الخالقين.
  قال أَبو بكر بن الأَنباري: الخلق في كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه، والآخر التقدير؛ وقال في قوله تعالى: فتبارك الله أَحسنُ الخالقين، معناه أَحسن المُقدِّرين؛ وكذلك قوله تعالى: وتَخْلقُون إِفْكاً؛ أَي تُقدِّرون كذباً.
  وقوله تعالى: أَنِّي أَخْلُق لكم من الطين خَلْقه؛ تقديره، ولم يرد أَنه يُحدِث معدوماً.
  ابن سيده: خَلق الله الشيء يَخلُقه خلقاً أَحدثه بعد أَن لم يكن، والخَلْقُ يكون المصدر ويكون المَخْلُوقَ؛ وقوله ø: يخلُقكم في بطون أُمهاتكم خَلْقاً من بعد خَلق في ظُلمات ثلاث؛ أَي يخلُقكم نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظاماً ثم يَكسُو العِظام لحماً ثم يُصوّر ويَنفُخ فيه الرُّوح، فذلك معنى خَلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث في البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ، وقد قيل في الأَصلاب والرحم والبطن؛ وقوله تعالى: الذي أَحسَنَ كلَّ شيء خَلْقَه؛ في قراءة من قرأَ به؛ قال ثعلب: فيه ثلاثة أَوجه: فقال خَلْقاً منه، وقال خَلْقَ كلِّ شيء، وقال عَلَّم كُلَّ شيء خَلْقَه؛ وقوله ø: فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله؛ قيل: معناه دِينَ الله لأَن الله فَطَر الخَلْقَ على الإِسلام وخلَقهم من ظهر آدم، #، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه ربهم وآمنوا، فمن كفر فقد غيَّر خلق الله، وقيل: هو الخِصاء لأَنَّ من يَخْصِي الفحل فقد غيَّر خَلْقَ الله، وقال الحسن ومجاهد: فليغيرن خَلْقَ الله، أَي دِينَ الله؛ قال ابن عرفة: ذهب قوم إِلى أَن قولهما حجة لمن قال الإِيمان مخلوق ولا حجة له، لأَن قولهما دِين الله أَرادا حكم الله، والدِّينُ الحُكْم، أَي فليغيرن حكم الله والخَلْق الدّين.
  وأَما قوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لخَلْق الله؛ قال قتادة: لدِين الله، وقيل: معناه أَنَّ ما خلقه الله فهو الصحيح لا يَقدِر أَحد أَن يُبَدِّلَ
(١) قوله [مثل الهراوة إلخ] سيأتي للمؤلف في مادة لخق على غير هذا الوجه.