[فصل الدال المهملة]
  كأَنه وهْنٌ لمن يَدْرِيكا ... إذا الكَرى سنَاتِه يُغْشِيكا،
  رِيحَ خُزامَى وُلِّيَ الرَّكِيكا ... أَقْلَعَ لمَّا بَلَغَ التَّدْرِيكا
  واسْتَدْرَك الشيءَ بالشيءِ: حاول إِدْراكه به، واستعمل هذا الأَخفش في أَجزاء العروض فقال: لأَنه لم ينقص من الجزء شيء فيستدركه.
  وأَدْرَكَ الشيءُ: بلغ وقته وانتهى.
  وأَدْرَك أَيضاً: فَنِيَ.
  وقوله تعالى: بل ادَّارَكِ علمهم في الآخرة؛ روي عن الحسن أَنه قال: جهلوا علم الآخرة أَي لا علم عندهم في أَمر الآخرة.
  التهذيب: وقوله تعالى: قل لا يعلم مَنْ في السماوات والأَرض الغيب إلا الله وما يشعرون أَيَّان يُبْعثون بل ادَّارَكَ علمهم في الآخرة؛ قرأَ شيبة ونافع بل ادَّرَاك وقرأَ أَبو عمرو بل أَدْرَكَ، وهي في قراءة مجاهد وأُبي جعفر المدني، وروي عن ابن عباس أَنه قرأَ: بَلى آ أَدْرَك علمهم، يستفهم ولا يشدد، فأَما من قرأَ بل ادَّارَكَ فإن الفراء قال: معناه لغةً تَدَارَك أَي تتابع علمهم في الآخرة، يريد بعلم الآخرة تكون أو لا تكون، ولذلك قال: بل هم في شك منها بل هم منها عَمُون، قال: وهي في قراءة أَبيّ تَدارَكَ، والعرب تجعَل بل مكان أَم وأَم مكان بل إذا كان في أَول الكلمة استفهام مثل قول الشاعر:
  فوالله ما أَدْرِي، أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ ... أَم البُومُ، أَم كلٌّ إِليَّ حَبِيبُ
  معنى أَم بل؛ وقال أَبو معاذ النحوي: ومن قرأَ بل أَدْرَك ومن قرأَ بل ادّارك فمعناهما واحد، يقول: هم علماء في الآخرة كقول الله تعالى: أَسْمعْ بهم وأَبْصِرْ يوم يأْتوننا، ونحو ذلك.
  قال السدي في تفسيره، قال: اجتمع علمهم في الآخرة ومعناها عنده أَي عَلِمُوا في الآخرة أَن الذي كانوا يوعَدُون به حق؛ وأَنشد للأَخطل:
  وأَدْرَكَ عِلْمي في سوَاءَة أَنها ... تقيم على الأَوْتار والمَشْرَب الكدر
  أَي أَحاط علمي بها أَنها كذلك.
  قال الأَزهري: والقول في تفسير أَدْرَكَ وادَّارَكَ ومعنى الآية ما قال السدي وذهب إليه أَبو معاذ وأَبو سعيد، والذي قاله الفراء في معنى تَدَارَكَ أَي تتَابع علمهم في الآخرة أَنها تكون أَو لا تكون ليس بالبَيِّنِ، إِنما المعنى أَنه تتَابع علمهم في الآخرة وتواطأَ حين حَقَّت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وُعِدُوا، حين لا ينفعهم ذلك العلم، ثم قال سبحانه: بل هم اليوم في شك من علم الآخرة بل هم منها عَمُون، أَي جاهلون، والشَّك في أَمر الآخرة كفر.
  وقال شمر في قوله تعالى: بل أَدْرَكَ علمهم في الآخرة؛ هذه الكلمة فيها أَشياء، وذلك أَنا وجدنا الفعل اللازم والمتعدي فيها في أَفْعَلَ وتَفَاعَلَ وافْتَعَلَ واحداً، وذلك أَنك تقول أَدْرَكَ الشيءَ وأَدْرَكْتُه وتَدَارك القومُ وادَّارَكوا وادَّرَكُوا إذا أَدرَكَ بعضهم بعضاً.
  ويقال: تَدَاركته وادَّارَكْتُه وادَّرَكْتُه؛ وأَنشد:
  تَدَاركتُما عَبْساً وذُبْيان بعدما ... تفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْر مَنْشِمِ
  وقال ذو الرمة:
  مَجَّ النَّدَى المُتَدارِكِ
  فهذا لازم؛ وقال الطرماح:
  فلما ادَّرَكْناهُنَّ أَبدَيْنَ للهَوَى
  وهذا متعد.
  وقال الله تعالى في اللازم: بل ادَّارَكَ علمهم.
  قال شمر: وسمعت عبد الصمد يحدث عن