لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 5 - الجزء 11

  الإِبل؛ قال الأَزهري: الذي عندي فيه أَن الله تعالى ذمَّ الدنيا وحذَّر العبادَ سوء مَغَبَّتها وضرب لهم فيها الأَمثال ليعتبروا ويحذروا، وكان النبي، ، يُحَذِّرهم ما حذرهم الله ويزهدهم فيها، فَرَغِبَ أَصْحابُه بعده فيها وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم فقال: تجدون الناس بعدي كإِبل مائة ليس فيها راحلة أَي أَن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإِبل، والراحلة هي البعير القوي على الأَسفار والأَحمال، النجيب التام الخَلْق الحسن المَنْظَر، قال: ويقع على الذكر والأُنثى والهاء فيه للمبالغة.

  وأَبَلَت الإِبلُ والوحشُ تأْبِلُ وتأْبُلُ أَبْلاً وأُبولاً وأَبِلَتْ وتأَبّلتْ: جَزَأَتْ عن الماء بالرُّطْب؛ ومنه قول لبيد:

  وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ ... أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ⁣(⁣١)

  الواحد آبلٌ والجمع أُبَّالٌ مثل كافر وكفَّار؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو عمرو:

  أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها ... يُهَدِّر فيها فَحْلُها ويَرِيسُ

  يصف نُوقاً شبهها بالقُصور سِمَناً؛ أَوابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب، وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظهور لعِزَّة أَنفسها.

  وتأَبَّل الوحشيُّ إِذا اجتزأَ بالرُّطْب عن الماء.

  وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته وتأَبَّل: اجتَزأَ عنها، وفي الصحاح وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته إِذا امتنع من غِشْيانِها وتأَبَّل.

  وفي الحديث عن وهب: أَبَلَ آدمُ، #، على ابنه المقتول كذا وكذا عاماً لا يُصِيب حَوَّاء أَي امتنع من غشيانها، ويروى: لما قتل ابن آدم أخاه تأَبَّل آدمُ على حَوَّاء أَي ترك غِشْيانَ حواء حزناً على ولده وتَوَحَّشَ عنها.

  وأَبَلَتِ الإِبل بالمكان أُبولاً: أَقامت؛ قال أَبو ذؤيب:

  بها أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما ... فَقَدْ مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها⁣(⁣٢)

  استعاره هنا للظبية، وقيل: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.

  وإِبل أَوابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومؤَبَّلة: كثيرة، وقيل: هي التي جُعِلَتْ قَطِيعاً قَطِيعاً، وقيل: هي المتخذة للقِنْية، وفي حديث ضَوالِّ الإِبل: أَنها كانت في زمن عُمَرَ أُبَّلاً مُؤَبَّلة لا يَمَسُّها أَحد، قال: إِذا كانت الإِبل مهملة قيل إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كانت للقِنْية قيل إِبل مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يُتَعَرَّض إِليها؛ وأَما قول الحطيئة:

  عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشِّوِيِّ

  فإِنه ذَكَّر حملاً على القطيع أَو الجمع أَو النعم لأَن النعم يذكر ويؤنث؛ أَنشد سيبوبه:

  أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه

  وقد يكون أَنه أَراد الواحد، ولكن الجمع أَولى لقوله فالشَّوِيّ، والشَّوِيُّ اسم للجمع.

  وإِبل أَوابِلُ: قد جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.

  والإِبِلُ الأُبَّلُ: المهملة؛ قال ذو الرُّمّة:

  وراحت في عَوازِبَ أُبَّلِ

  الجوهري: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن


(١) قوله [وإذا حركت، البيت] أورده الجوهري بلفظ:

وإذا حركت رجلي أرقلت بي تعدو عدو جون فد أبل

(٢) قوله [كلاهما] كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.