لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 574 - الجزء 11

  قال: قالَ قَوْلَ الحق؛ وقال الفراء: القالُ في معنى القَوْل مثل العَيْب والعابِ، قال: والحق في هذا الموضع يراد به الله تعالى ذِكرُه كأَنه قال قَوْلَ الله.

  الجوهري: وكذلك القالةُ.

  يقال: كثرتْ قالةُ الناس، قال: وأَصْل قُلْتُ قَوَلْتُ، بالفتح، ولا يجوز أَن يكون بالضم لأَنه يتعدّى.

  الفراء في قوله، : ونهيِه عن قِيل وقال وكثرة السؤَال، قال: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان ولو خُفِضتا على أَنهما أُخرجتا من نية الفعل إِلى نية الأَسماء كان صواباً كقولهم: أَعْيَيْتني من شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قال ابن الأَثير: معنى الحديث أَنه نهَى عن فُضُول ما يتحدَّث به المُتجالِسون من قولهم قِيلَ كذا وقال كذا، قال: وبناؤهما على كونهما فعلين ماضيين محكيَّيْن متضمِّنين للضمير، والإِعراب على إِجرائهما مجرى الأَسماء خِلْوَيْن من الضمير وإِدخال حرف التعريف عليهما لذلك في قولهم القِيل والقال، وقيل: القالُ الابتداء، والقِيلُ الجواب، قال: وهذا إِنما يصح إِذا كانت الرواية قِيل وقال على أَنهما فِعْلان، فيكون النهي عن القَوْل بما لا يصح ولا تُعلم حقيقتُه، وهو كحديثه الآخر: بئس مَطِيَّةُ الرجل زعموا وأَما مَنْ حكَى ما يصح وتُعْرَف حقيقتُه وأَسنده إِلى ثِقةٍ صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذَمَّ، وقال أَبو عبيد: إِنه جعل القال مصدراً كأَنه قال: نهى عن قيلٍ وقوْلٍ، وهذا التأْويل على أَنهما اسمان، وقيل: أَراد النهي عن كثرة الكلام مُبتدئاً ومُجيباً، وقيل: أَراد به حكاية أَقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيراً ولا يَعْنيه أَمرُه؛ ومنه الحديث: أَلا أُنَبِّئُكم ما العَضْه؟ هي النميمةُ القالةُ بين الناس أَي كثرة القَوْلِ وإِيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعضُ عن البعض؛ ومنه الحديث: فَفَشَتِ القالةُ بين الناس، قال: ويجوز أَن يريد به القَوْل والحديثَ.

  الليث: تقول العرب كثر فيه القالُ والقِيلُ، ويقال إِن اشتِقاقَهما من كثرة ما يقولون قال وقيل له، ويقال: بل هما اسمان مشتقان من القَوْل، ويقال: قِيلَ على بناء فِعْل، وقُيِل على بناء فُعِل، كلاهما من الواو ولكن الكسرة غلبت فقلبت الواو ياء، وكذلك قوله تعالى: وسِيقَ الذين اتّقَوْا ربَّهم.

  الفراء: بنو أَسد يقولون قُولَ وقِيلَ بمعنى واحد؛ وأَنشد:

  وابتدأَتْ غَضْبى وأُمَّ الرِّحالْ ... وقُولَ لا أَهلَ له ولا مالْ

  بمعنى وقِيلَ: وأَقْوَلَه ما لم يَقُلْ وقَوَّلَه ما لم يَقُل، كِلاهما: ادّعى عليه، وكذلك أَقاله ما لم يقُل؛ عن اللحياني.

  قَوْل مَقُولٌ ومَقْؤول؛ عن اللحياني أَيضاً، قال: والإِتمام لغة أَبي الجراح.

  وآكَلْتَني وأَكَّلْتَني ما لم آكُل أَي ادّعَيْته عَليَّ.

  قال شمر: تقول قوَّلَني فُلان حتى قلتُ أَي علمني وأَمرني أَن أَقول، قال: قَوَّلْتَني وأَقْوَلْتَني أَي علَّمتني ما أَقول وأَنطقتني وحَمَلْتني على القَوْل.

  وفي حديث سعيد بن المسيب حين قيل له: ما تقول في عثمان وعلي، ®؟ فقال: أَقول فيهما ما قَوَّلَني الله تعالى؛ ثم قرأَ: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان⁣(⁣١).

  وفي حديث علي، #: سمع امرأَة تندُب عمَر فقال: أَما والله ما قالتْه ولكن قُوِّلتْه أَي لُقِّنته وعُلِّمته وأُلْقي على لسانها يعني من جانب الإِلْهام أَي أَنه حقيق بما قالت فيه.

  وتَقَوَّل قَوْلاً: ابتدَعه كذِباً.

  وتقوَّل فلان عليَّ باطلاً أَي قال عَليَّ ما لم أَكن قلتُ وكذب عليَّ؛


(١) الآية.