لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 575 - الجزء 11

  ومنه قوله تعالى: ولو تقوَّل علينا بعضَ الأَقاويل.

  وكلمة مُقَوَّلة: قِيلتْ مرَّة بعد مرَّة.

  والمِقْوَل: اللسان، ويقال: إِنَّ لي مِقْوَلاً، وما يسُرُّني به مِقْوَل، وهو لسانه.

  التهذيب: أَبو الهيثم في قوله تعالى: زعم الذين كفروا أَن لن يُبْعَثوا، قال: اعلم أَنُ العرب تقول: قال إِنه وزعم أَنه، فكسروا الأَلف في قال على الابتداء وفتحوها في زعم، لأَن زعم فِعْل واقع بها متعدٍّ إِليها، تقول زعمت عبدَ الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إِلَّا أَن تدخل حرفاً من حروف الاستفهام في أَوله فتقول: هل تَقُوله خارجاً، ومتى تَقُوله فعَل كذا، وكيف تقوله صنع، وعَلامَ تَقُوله فاعلاً، فيصير عند دخول حروف الاستفهام عليه بمنزلة الظن، وكذلك تقول: متى تَقُولني خارجاً، وكيف تَقُولك صانعاً؟ وأَنشد:

  فمتى تَقُول الدارَ تَجْمَعُنا

  قال الكميت:

  عَلامَ تَقُول هَمْدانَ احْتَذَتْنا ... وكِنْدَة، بالقوارِصِ، مُجْلِبينا؟

  والعرب تُجْري تقول وحدها في الاستفهام مجرى تظنُّ في العمل؛ قال هدبة بن خَشْرم:

  متى تَقُول القُلُصَ الرَّواسِما ... يُدْنِين أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما؟

  فنصب القُلُص كما ينصب بالظنِّ؛ وقال عمرو بن معديكرب:

  عَلامَ تَقُول الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقي ... إِذا أَنا لم أَطْعُنْ، إِذا الخيلُ كَرَّتِ؟

  وقال عمر بن أَبي ربيعة:

  أَمَّا الرَّحِيل فدُون بعدَ غدٍ ... فمتى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟

  قال: وبنو سليم يُجْرون متصرِّف قلت في غير الاستفهام أَيضاً مُجْرى الظنِّ فيُعدُّونه إِلى مفعولين، فعلى مذهبهم يجوز فتح انَّ بعد القَول.

  وفي الحديث: أَنه سَمِعَ صوْت رجل يقرأُ بالليل فقال أَتَقُوله مُرائياً أَي أَتظنُّه؟ وهو مختصٌّ بالاستفهام؛ ومنه الحديث: لمَّا أَراد أَن يعتَكِف ورأَى الأَخْبية في المسجد فقال: البِرَّ تَقُولون بهنَّ أَي تظنُّون وتَرَوْن أَنهنَّ أَردْنَ البِرَّ، قال: وفِعْلُ القَوْلِ إِذا كان بمعنى الكلام لا يعمَل فيما بعده، تقول: قلْت زيد قائم، وأَقول عمرو منطلق، وبعض العرب يُعمله فيقول قلْت زيداً قائماً، فإِن جعلتَ القَوْلَ بمعنى الظنّ أَعملته مع الاستفهام كقولك: متى تَقُول عمراً ذاهباً، وأَتَقُول زيداً منطلقاً؟ أَبو زيد: يقال ما أَحسن قِيلَك وقَوْلك ومَقالَتك ومَقالَك وقالَك، خمسة أَوجُه.

  الليث: يقال انتشَرَت لفلان في الناس قالةٌ حسنة أَو قالةٌ سيئة، والقالةُ تكون بمعنى قائلةٍ، والقالُ في موضع قائل؛ قال بعضهم لقصيدة: أَنا قالُها أَي قائلُها.

  قال: والقالةُ القَوْلُ الفاشي في الناس.

  والمِقْوَل: القَيْل بلغة أَهل اليمن؛ قال ابن سيده: المِقْوَل والقَيْل الملك من مُلوك حِمْير يَقُول ما شاء، وأَصله قَيِّل؛ وقِيلَ: هو دون الملك الأَعلى، والجمع أَقْوال.

  قال سيبويه: كسَّروه على أَفْعال تشبيهاً بفاعل، وهو المِقْوَل والجمع مَقاوِل ومَقاوِلة، دخلت الهاء فيه على حدِّ دخولها في القَشاعِمة؛ قال لبيد:

  لها غَلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ ... بأَيمان عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا