لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 578 - الجزء 11

  وأَحسن مَقِيلاً، فأَنزل الله تعالى: أَصحابُ الجنَّة يومئذٍ خيرٌ مُسْتَقرّاً وأَحسنُ مَقِيلاً، قال الفراء: قال بعض المحدِّيثن يُرْوَى أَنه يُفْرَغ من حساب الناس في نِصْف ذلك اليوم فَيَقِيلُ أَهل الجنة في الجنة وأَهلُ النار في النار، فذلك قوله تعالى: خيرٌ مُسْتَقرّاً وأَحسنُ مَقِيلاً، قال: وأَهل الكلام إِذا اجتمع لهم أَحمق وعاقل لم يَسْتَجِيزُوا أَن يقولوا: هذا أَحمق الرجلين ولا أَعْقل الرجلين، ويقولون: لا تقول هذا أَعْقل الرجلين إِلا لعاقل يفضُل على صاحبه، قال الفراء: وقد قال اللَّه ø خيرٌ مستَقرّاً فجعل أَهل الجنة خيراً مستَقرّاً من أَهل النار، وليس في مستَقرِّ أَهل النار شيء من الخير، فاعرف ذلك من خطئهم، وقال أَبو طالب: إِنما جاز ذلك لأَنه موضع فيقال هذا الموضع خير من ذلك الموضع، وإِذا كان نعتاً لم يستقم أَن يكون نعتُ واحد لاثنين مختلفين، قال الأَزهري: ونحو ذلك قال الزجَّاج وقال: يُفْرَق بين المَنازِل والنُّعوت.

  قال أَبو منصور: والقَيْلولة عند العرب والمَقِيلُ الاستراحة نصف النهار إِذا اشتدَّ الحر وإِن لم يكن مع ذلك نَوْمٌ، والدليل على ذلك أَن الجنة لا نَوْمَ فيها.

  وروي في الحديث: قِيلوا، فإِن الشياطين لا تَقِيل.

  وفي الحديث: كان لا يُقِيلُ مالاً ولا يُبِيتُه أَي كان لا يُمسِك من المال ما جاءه صباحاً إِلى وقْت القائلة، وما جاءه مساء لا يُمسِكه إِلى الصباح.

  والمَقِيل والقَيْلولة: الاستراحة نصفَ النهار وإِن لم يكن معها نَوْمٌ، يقال: قال يَقِيل قَيْلولة، فهو قائِل.

  ومنه حديث زيد بن عمرو بن نُفَيْل: ما مُهاجِرٌ كمَن قال، وفي رواية: ما مُهَجِّر، أَي ليس مَنْ هاجَر عن وَطَنه أَو خرج في الهاجِرة كمَن سكَن في بيته عند القائلة وأَقام به، وفي حديث أُمِّ مَعْبَد:

  رَفِيقَيْنِ قالا خَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدِ

  أَي نزلا فيها⁣(⁣١) عند القائلة إِلا أَنه عدَّاه بغير حرف جرٍّ.

  وفي الحديث: أَن رسول الله، ، كان بِتِعْهِن وهو قائل السُّقْيا، تِعْهِنُ والسُّقْيا: موضعان بين مكة والمدينة، أَي أَنه يكون بالسُّقْيا وقْتَ القائلة، أَو هو مِنَ القوْل أَي يذكر أَنه يكون بالسُّقْيا، ومنه حديث الجنائز: هذه فُلانة ماتت ظُهْراً وأَنت صائم قائلٌ أَي ساكن في البيت عند القائلة، وفي شعر ابن رَواحة:

  اليَوْمَ نَضْرِبْكُم على تَنْزِيلِه ... ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عن مَقِيلِه

  الهامُ: جمعُ هامةٍ وهي أَعلى الرأْس، ومَقِيلُه: موضعه، مستعارٌ من موضع القائلة، وسكون الباء من نَضْرِبْكم من جائزات الشعر، وموضعُها الرفعُ.

  وتَقَيَّلوا: ناموا في القائلة.

  قال سيبويه: ولا يقال ما أَقْيَلَه، استَغْنوا عنه بما أَنْوَمَه كما قالوا تركْتُ ولم يقولوا ودَعْتُ لا لعلَّةٍ.

  ورجل قائل والجمع قُيَّل، بالتشديد، وقُيَّال، والقَيْلُ اسم للجمع كالشَّرْب والصَّحْب والسَّفْر، قال:

  إِن قال قَيْلٌ لم أَقِلْ في القُيَّل

  فجاء بالجَمْعَيْن، وقَيل: هو جمع قائل.

  وما أَكْلأَ قائلَتَه أَي نَوْمَه، فأما قول العجاج:

  إِذا بَدَا دُهانِجٌ ذو أَعْدَال⁣(⁣٢)

  فقد يكون على الفعل الذي هو قال كضرَّاب وشَتَّام،


(١) ١ قوله فيها هكذا في الأَصل والنهاية بضمير الإِفراد والمناسب فيهما بضمير التثنية.

(٢) ٢ قوله فأما قول العجاج إذا بدا الخ هكذا في الأَصل ولعل الشاهد فيما بعده.