لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الكاف]

صفحة 597 - الجزء 11

  قال الجوهري: وربما جاء في ضرورة الشعر مشدداً؛ وقال منظور بن مرثد الأَسدي:

  كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ ... موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي

  قال ابن بري: وصوابه موقِعُ كفَّيْ راهب، لأَن بعد قوله على الكَلْكَلِّ:

  ومَوْقِفاً من ثَفِناتٍ زُلِّ

  قال: والمعروف الكَلْكَل، وإِنما جاء الكَلْكَال في الشعر ضرورة في قول الراجز:

  قلتُ، وقد خرَّت على الكَلْكَالِ: ... يا ناقَتي، ما جُلْتِ من مَجَالِ⁣(⁣١)

  والكَلْكَل من الفرس: ما بين مَحْزِمه إِلى ما مسَّ الأَرض منه إِذا رَبَضَ؛ وقد يستعار الكَلْكَل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة لَيْل:

  فقلتُ له لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه ... وأَرْدَفَ أَعْجازاً ونَاءَ بِكَلْكَل⁣(⁣٢)

  وقالت أَعرابية تَرْثي ابنها:

  أَلْقَى عليه الدهرُ كَلْكَلَه ... مَنْ ذا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟

  فجعلت للدهر كَلْكَلاً؛ وقوله:

  مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مع السُّرَى ... حتى ذَهَبْنَ كَلاكلاً وصُدوراً

  وضع الأَسماء موضع الظروف كقوله ذهبن قُدُماً وأُخُراً.

  ورجل كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وقيل: الكُلْكُل والكُلاكِل، بالضم، القصير الغليظ الشديد، والأُنثى كُلْكُلة وكُلاكلة، والكَلاكِل الجماعات كالكَراكِر؛ وأَنشد قول العجاج:

  حتى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا

  الفراء: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل.

  ويقال: ذئب مُكِلّ قد وضع كَلَّه على الناس.

  وذِئب كَلِيل: لا يَعْدُو على أَحد.

  وفي حديث عثمان: أَنه دُخِل عليه فقيل له أَبِأَمْرك هذا؟ فقال: كُلُّ ذلك أَي بعضه عن أَمري وبعضه بغير أَمري؛ قال ابن الأَثير: موضع كل الإِحاطة بالجميع، وقد تستعمل في معنى البعض قال: وعليه حُمِل قولُ عثمان؛ ومنه قول الراجز:

  قالتْ له، وقولُها مَرْعِيُّ: ... إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،

  وكُلُّ ذاك يَفْعَل الوَصِيُّ

  أَي قد يفعَل وقد لا يفعَل.

  وقال ابن بري: وكَلَّا حرف رَدْع وزَجْر؛ وقد تأْتي بمعنى لا كقول الجعديّ:

  فقلْنا لهم: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها ... فقالوا لنا: كَلَّا فقلْنا لهم: بَلى

  فكَلَّا هنا بمعنى لا بدليل قوله فقلنا لهم بلى، وبَلى لا تأْتي إِلا بعد نفي؛ ومثله قوله أَيضاً:

  قُرَيْش جِهازُ الناس حَيّاً ومَيِّتاً ... فمن قال كَلَّا، فالمُكذِّب أَكْذَبُ

  وعلى هذا يحمل قوله تعالى: فيقول رَبِّي أَهانَنِي كَلَّا.

  وفي الحديث: تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فقال أَعرابي: كَلَّا يا رسول الله؛ قال ابن الأَثير: كَلَّا رَدْع في الكلام


(١) في الصفحة السابقة: أقول إذ خَرَّت الخ.

(٢) في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه.