لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الجيم]

صفحة 154 - الجزء 12

  وأنشد ابن بري لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:

  نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما ... وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ

  وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:

  خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى ... بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ

  نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعد ما لعِبَت بنا ... تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ

  قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف حَمّاماً وهو قوله:

  فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً ... لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ

  قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه العرب، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالأَلف والتاء وإن كان مذكراً حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:

  وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً ... أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ

  فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأَزهري: فالحَميم عند ابن الأَعرابي من الأَضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت المُرَقِّش:

  كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ ... ذاتُ كِباءٍ مُعَدّ، وحَميم

  وحكى شمر عن ابن الأَعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان جمراً تتبخر به.

  والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأَرض يَستشفي بها الأَعِلَّاءُ والمَرْضَى.

  وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون.

  وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام.

  واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار.

  والاستِحْمامُ: الاغتسال بالماء الحارّ، هذا هو الأَصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء كان.

  وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.

  وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، ، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف الإِبل:

  فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها ... وبعد ما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها

  فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.