لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الدال المهملة]

صفحة 213 - الجزء 12

  قال كراع: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، وليس بقَوِيّ، دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً؛ قال أَبو الحسن: في هذه الكلمة نظر، ذهب أهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى أنها نادرة كمِتَّ تَموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وحَضِرَ يَحْضُرُ، وذهب أبو بكر إلى أنها متركبة فقال: دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثم تركبت اللغتان فظنّ قوم أن تَدُومُ على دِمْتَ، وتَدامُ على دُمْتَ، ذهاباً إلى الشذوذ وإيثاراً له، والوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ، وتَدُومُ على دُمْتَ، وما ذهبوا إليه من تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أخف مما ذهبوا إليه من تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدامُ، إذ الأُولى ذات نظائر، ولم يُعْرَفْ من هذه الأَخيرة إلَّا كُدْتَ تَكادُ، وتركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ يَرْكَنُ، فيحمله جُهَّالُ أهل اللغة على الشذوذ.

  وأَدامَه واسْتَدامَه: تأَنَّى فيه، وقيل: طلب دوَامَه، وأَدْومَه كذلك.

  واسْتَدَمْتُ الأَمر إذا تأَنَّيْت فيه؛ وأنشد الجوهري للمَجْنون واسمه قَيسُ بن مُعاذٍ:

  وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ، وإنَّني ... على ذاكَ فيما بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها

  أي منتظر أن تُعْتِبَني بخير؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه في مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر:

  تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ ... بصَكَّتِه، وآخر مُسْتَدِيمِ

  وأَنشد أَيضاً:

  إذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ ... رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا

  الليث: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ وأَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ:

  فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْه ... فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ

  وتَصْلِيةُ العصا: إدارتها على النار لتستقيم، واسْتدامتها: التَّأَنِّي فيها، أي ما أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي.

  وقال شمر: المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ في الأَمر.

  واسْتَدِمْ ما عند فلان أي انتظره وارْقُبْه؛ قال: ومعنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ من يُعْنى بها ويحب قضاءها.

  وأَدامه غيره، والمُداومَةُ على الأَمر: المواظبة عليه.

  والدَّيُّومُ: الدائِمُ منه كما قالوا قَيُّوم.

  والدِّيمةُ: مطر يكون مع سكون، وقيل: يكون خمسة أَيَّامٍ أو ستة وقيل: يوماً وليلة أو أكثر، وقال خالد بن جَنْبَةَ: الدِّيمةُ من المطر الذ لا رَعْدَ فيه ولا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، والجمع دِيَمٌ، غُيِّرَت الواو في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد.

  وما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً ودَيْماً دَيْماً، الياء على المعاقبة، أي دائمة المطر؛ وحكى بعضهم: دامَتِ السماءُ تَدِيمُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ؛ وقال ابن جني: هو من الواو لاجتماع العرب طُرّاً على الدَّوامِ، وهو أَدْوَمُ من كذا، وقال أيضاً: من التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ ودِيَمٌ، واستمرار القلب في العين إلى الكسرة قبلها⁣(⁣١)، ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى أن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ، فأَما دَوَّمَتْ فعلى القياس، وأما دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ ودِيَمٍ؛ أَنشد أبو زيد:

  هو الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل ... إنْ دَيَّمُوا جادَ، وإنْ جادُوا وَبَلْ


(١) قوله [إلى الكسرة قبلها] هكذا في الأَصل.