لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الدال المهملة]

صفحة 215 - الجزء 12

  السماء دون الأَرض؛ وقال الأَخفش وابن الأَعرابي: دَوَّمَتْ أبعدت، وأصله من دامَ يَدُومُ، والضمير في دَوَّمَ يعود على الكلاب؛ وقال عليُّ بن حمزة: لو كان التَّدْويمُ لا يكون إلا في السماء لم يجز أَن يقال: به دُوامٌ كما يقال به دُوارٌ، وما قالوا دُومَةُ الجَنْدَلِ وهي مجتمعة مستديرة.

  وفي حديث الجارية المفقودة: فَحَمَلني على خافيةٍ ثم دَوَّمَ بي في السُّكاك أي أدارني في الجوّ.

  وفي حديث قُسّ والجارُود: قد دَوَّمُوا العمائم أي أَداروها حول رؤوسهم.

  وفي التهذيب في بيت ذي الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ، قال يصف ثوراً وحشيّاً ويريد به الشمس، قال: وكان ينبغي له أن يقول دَوَّتْ فدَوَّمَتْ استكراه منه.

  وقال أبو الهيثم: ذكر الأَصمعي أن التَّدْويمَ لا يكون إِلا من الطائر في السماء، وعاب على ذي الرمة موضعه؛ وقد قال رؤبة:

  تَيْماء لا يَنْجو بها من دَوَّما ... إذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما

  أي أَسرع.

  ودَوَّمَتِ الشمس في كَبِد السماء.

  ودَوَّمَت الشمس: دارت في السماء.

  التهذيب: والشمس لها تَدْويمٌ كأنها تدور، ومنه اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها؛ قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً:

  مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُه ... والشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ تَدْوِيمُ

  كأَنها لا تمضي أي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، والرَّمَضُ: شدة الحر، مصدر رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، ويركُضُه: يضربه برجله، وكذا يفعل الجُندَبُ.

  قال أبو الهيثم: معنى قوله والشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على المَسير مقدار ستين فرسخاً⁣(⁣١).

  تدور على مكانها.

  ويقال: تَحَيَّرَ الماء في الروضة إذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها، قال: والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قال أبو بكر: الدائم من حروف الأَضداد، يقال للساكن دائم، وللمتحرِّك دائم.

  والظل الدَّوْمُ: الدائم؛ وأَنشد ابن بري للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة:

  يا قَوْمِ، قدْ أحْرَقْتُموني باللَّوْمْ ... ولم أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ

  شَتَّانَ هذا والعِناقُ والنَّوْم ... والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم

  ويروى: في الظل الدَّوْم.

  ودَوَّمَ الطائر إذا تحرك في طَيَرانه، وقيل: دَوَّمَ الطائر إذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم.

  ودَوَّمَ الطائرُ واستدامَ: حَلَّقَ في السماء، وقيل: هو أن يُدَوِّمَ في السماء فلا يحرك جناحيه، وقيل: أن يُدَوِّمَ ويحوم؛ قال الفارسي: وقد اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ والتَّدْوِيَةِ فقال بعضهم: التَّدْويمُ في السماء، والتَّدْوِيَةُ في الأَرض، وقيل بعكس ذلك، قال: وهو الصحيح، قال جَوَّاسٌ، وقيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ:

  بيَوْمٍ ترى الرايات فيه، كأَنها ... عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع

  ويقال: دَوَّم الطائرُ في السماء إذا جعل يَدُور، ودَوَّى في الأَرض، وهو مثل التَّدْويمِ في السماء.

  الجوهري: تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُه في طَيَرانِه ليرتفع في السماء، قال: وجعل ذو الرمة التَّدْوِيمَ


(١) قوله مقدار ستين فرسخاً] عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً.