[فصل الحاء المهملة]
  ولْيَكُنْ موصولاً بآخرَ من رحمتِك، هذا معنى التثنية عند سيبويه في هذا الضرب؛ قال طرفة:
  أَبا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا ... حَنانَيْكَ، بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بعضِ
  قال سيبويه: ولا يُسْتَعْمل مُثَنّىً إلا في حَدِّ الإِضافة.
  وحكى الأَزهري عن الليث: حَنانَيْكَ يا فلان افْعَلْ كذا ولا تفعل كذا، يذكِّرُه الرَّحمةَ والبِرَّ، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن سيده: وقد قالوا حَناناً فصَلُوه من الإِضافة في حَدِّ الإِفْراد، وكلُّ ذلك بدلٌ من اللفظ بالفعل، والذي ينتصب عليه غيرُ مستعمَلٍ إظهارُه، كما أَنَّ الذي يرتفع عليه كذلك، والعرب تقول: حَنانَك يا رَبِّ وحَنانَيْك بمعنى واحد أَي رحمتَك، وقالوا: سبحانَ الله وحَنانَيْه أَي واسْتِرْحامَه، كما قالوا: سبحانَ الله ورَيْحانَه أَي اسْتِرْزاقَه؛ وقول امرئ القيس:
  ويَمْنَعُها بَنُو شَمَجَى بنِ جَرْم ... مَعِيزَهُمُ، حَنانَك ذا الحَنانِ
  فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه رَحمتَك يا رحمنُ فأَغْنِني عنهم، ورواه الأَصمعي: ويَمْنَحُها أَي يُعْطِيها، وفسَّر حَنانَك برحمتك أَيضاً أَي أَنْزِلْ عليهم رحمتَك ورزقك، فروايةُ ابن الأَعرابي تَسَخُّطٌ وذمٌّ، وكذلك تفسيره، وروايةُ الأَصمعي تَشكُّرٌ وحمدٌ ودعاءٌ لهم، وكذلك تفسيره، والفعل من كل ذلك تَحَنَّنَ عليه، وهو التحنُّنُ.
  وتَحَنَّنْ عليه: ترحَّمْ؛ وأَنشد ابن بري للحُطَيْئة:
  تَحَنَّنْ عليَّ، هَداك المَلِيك ... فإِن لكلِّ مقامٍ مقالا
  والحَنانُ: الرحمةُ، والحَنانُ: الرِّزق.
  والحَنانُ: البركة.
  والحَنانُ: الهَيْبَةُ.
  والحَنانُ: الوَقار.
  الأُمَوِيُّ: ما نرى له حَناناً أَي هيبةً.
  والتَّحنُّنُ: كالحَنانِ.
  وفي حديث عمر، ¥، لما قال الوليد بن عُقْبةَ بنِ أَبي مُعَيْطٍ: أُقْتَلُ من بَيْنِ قُرَيش، فقال عمر: حَنَّ قِدْحٌ ليس منها؛ هو مَثَلٌ يضرب للرجل يَنْتَمي إلى نسبٍ ليس منه أَو يَدَّعي ما ليس منه في شيء، والقِدْحُ، بالكسر: أَحدُ سِهام المَيْسِر، فإِذا كان من غير جوهر أَخَواتِه ثم حرَّكها المُفيض بها خرج له صوتٌ يخالِف أَصواتَها فعُرِفَ به؛ ومنه كتاب عليٍّ، رضوان الله عليه، إلى معاوية: وأَما قولك كَيْتَ وكَيْتَ فقد حَنَّ قِدْحٌ ليس منها.
  والحَنُونُ من الرياح: التي لها حَنِينٌ كحَنِين الإِبِل أَي صَوْتٌ يُشْبِه صَوْتَها عند الحَنِين؛ قال النابغة:
  غَشِيتُ لها مَنازِلَ مُقْفِراتٍ ... تُذَعْذِعُها مُذَعْذعَةٌ حَنُونٌ
  وقد حَنَّتْ واسْتَحَنَّتْ؛ أَنشد سيبويه لأَبي زُبَيد:
  مُسْتَحِنٌّ بها الرِّياحُ، فمَا ... يَجْتابُها في الظَّلامِ كلُّ هَجُودِ
  وسحابٌ حَنَّانٌ كذلك؛ وقوله:
  فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنَّانْ
  جعل الحَنَّان للخِمْس، وإنما هو في الحقيقة للناقة، لكن لما بَعُد عليه أَمدُ الوِرْد فحنَّت نسَب ذلك إلى الخِمْسِ حيث كان من أَجْلِه.
  وخِمْسٌ حَنَّانٌ أَي بائصٌ؛ الأَصمعي: أَي له حَنِينٌ مِن سُرْعَتِه.
  وامْرأَةٌ حَنَّانةٌ: تَحِنُّ إلى زوجها الأَول وتعطِفُ عليه، وقيل: هي التي تَحِنُّ على ولدها الذي من زوجها المُفارِقِها.
  والحَنونُ من النساء: التي تَتَزوَّج رِقَّةً على وَلَدِها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمرهم، وفي بعض الأَخْبار: أَنَّ رَجُلاً أَوْصى ابنه