لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 468 - الجزء 13

  وقال الفراء في قول الشاعر لَهِنَّك: أَرادَ لإِنَّك، فأبدل الهمزة هاء مثل هَراقَ الماءَ وأَراق، وأَدخل اللام في إن لليمين، ولذلك أَجابها باللام في لوسيمة.

  قال أَبو زيد: قال لي الكسائي أَلَّفت كتاباً في معاني القرآن فقلت له: أَسمعتَ الحمدُ لاه رَبِّ العالمين؟ فقال: لا، فقلت: اسمَعْها.

  قال الأَزهري: ولا يجوز في القرآن إلَّا الحمدُ لله بمدَّةِ اللام، وإِنما يقرأُ ما حكاه أَبو زيد الأَعرابُ ومن لا يعرف سُنَّةَ القرآن.

  قال أَبو الهيثم: فالله أَصله إلاه، قال الله ø: ما اتَّخذ الله من وَلَدٍ وما كان معه من إلَه إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَه بما خَلَقَ.

  قال: ولا يكون إلَهاً حتى يكون مَعْبُوداً، وحتى يكونَ لعابده خالقاً ورازقاً ومُدبِّراً، وعليه مقتدراً فمن لم يكن كذلك فليس بإله، وإِن عُبِدَ ظُلْماً، بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد.

  قال: وأَصل إلَه وِلاه، فقلبت الواو همزة كما قالوا للوِشاح إشاحٌ وللوِجاحِ وهو السِّتْر إِجاحٌ، ومعنى ولاه أَن الخَلْقَ يَوْلَهُون إليه في حوائجهم، ويَضْرَعُون إليه فيما يصيبهم، ويَفْزَعون إليه في كل ما ينوبهم، كم يَوْلَه كل طِفْل إلى أُمه.

  وقد سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهَةً.

  والأُلَهةُ: الشمسُ الحارَّةُ؛ حكي عن ثعلب، والأَلِيهَةُ والأَلاهَةُ والإِلاهَةُ وأُلاهَةُ، كلُّه: الشمسُ اسم لها؛ الضم في أَوَّلها عن ابن الأَعرابي؛ قالت مَيَّةُ بنت أُمّ عُتْبَة⁣(⁣١) بن الحرث كما قال ابن بري:

  تروَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً ... فأَعْجَلْنا الإِلَهةَ أَن تَؤُوبا

  (⁣٢). على مثْل ابن مَيَّة، فانْعَياه ... تَشُقُّ نَواعِمُ البَشَر الجُيُوبا

  قال ابن بري: وقيل هو لبنت عبد الحرث اليَرْبوعي، ويقال لنائحة عُتَيْبة بن الحرث؛ قال: وقال أَبو عبيدة هو لأُمِّ البنين بنت عُتيبة بن الحرث ترثيه؛ قال ابن سيده: ورواه ابن الأَعرابي أُلاهَةَ، قال: ورواه بعضهم فأَعجلنا الأَلاهَةَ يصرف ولا يصرف.

  غيره: وتدخلها الأَلف واللام ولا تدخلها، وقد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة الاسمَ مَرَّة وسُقوطها أُخرى.

  قالوا: لقيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، وفَيْنَةً والفَيْنَةَ بعد الفَيْنة، ونَسْرٌ والنَّسْرُ اسمُ صنم، فكأَنهم سَمَّوْها الإِلَهة لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها، فإنهم كانوا يُعَظِّمُونها ويَعْبُدُونها، وقد أَوْجَدَنا الله ø ذلك في كتابه حين قال: ومن آياته الليلُ والنهارُ والشمسُ والقمرُ لا تَسْجُدُوا للشمس ولا للقمر واسجُدُوا لله الذي خَلَقَهُنَّ إن كنتم إياه تعبدون.

  ابن سيده: والإِلاهَةُ والأُلُوهة والأُلُوهِيَّةُ العبادة.

  وقد قرئ: ويَذَرَكَ وآلِهتَكَ، وقرأَ ابن عباس: ويَذَرَك وإِلاهَتَك، بكسر الهمزة، أَي وعبادتك؛ وهذه الأَخيرة عند ثعلب كأَنها هي المختارة، قال: لأَن فرعون كان يُعْبَدُ ولا يَعْبُدُ، فهو على هذا ذو إلاهَةٍ لا ذو آلِهة، والقراءة الأُولى أَكثر والقُرّاء عليها.

  قال ابن بري: يُقَوِّي ما ذهب إليه ابن عباس في قراءته: ويذرك وإِلاهَتَك، قولُ فرعون: أَنا ربكم الأَعلى، وقوله: ما علمتُ لكم من إله غيري؛ ولهذا قال سبحانه: فأَخَذه الله نَكالَ الآخرةِ والأُولى؛ وهو الذي أَشار إِليه الجوهري بقوله عن ابن عباس: إن فرعون كان يُعْبَدُ.

  ويقال: إلَه بَيِّنُ الإِلَهةِ والأُلْهانِيَّة.

  وكانت العرب في الجاهلية يَدْعُونَ معبوداتهم من الأَوثان والأَصنام آلهةً، وهي


(١) قوله [أم عتبة] كذا بالأصل عتبة في موضع مكبراً وفي موضعين مصغراً.

(٢) قوله [عصراً والالهة] هكذا رواية التهذيب، ورواية المحكم: قسراً والهة.