لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الواو]

صفحة 559 - الجزء 13

  وتَداني الحافرين والْتِواءٌ مِنَ الرُّسْغَيْنِ.

  وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيه والقافيةُ، وذلك في مثل قوله:

  كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ

  فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيه بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيه لأَن لك أَن تُغَيِّرَه بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ.

  الجوهري: التَّوْجيه هو الحرف الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال: ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ كقول امرئ القيس: أَنِّي أَفِرْ، مع قوله: جميعاً صُبُرْ، واليومُ قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيه؛ وغيره يقول: التوجيه اسم لحركاته إِذا كان الرَّوِيُّ مُقَيَّداً.

  قال ابن بري: التَّوْجيه هو حركة الحرف الذي قبل الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّه الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع، ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم، جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛ قال: وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيه الحرف الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو قوله: أَني أَفرْ، مع قوله: صُبُرْ، واليومُ قَرّ.

  ابن سيده: والتَّوْجِيه في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة، وقيل: هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة، وتحريره أَن تقول: إِن التَّوْجيه اختلافُ حركة الحرف الذي قبل الرَّوِيَّ المقيد كقوله:

  وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ

  وقوله فيها:

  أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ

  وقوله مع ذلك:

  سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ

  قال: والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله:

  أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُه

  فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال الأَحفش: التَّوْجيه حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع الفتح غيره نحو:

  قد جَبَرَ الدِّينَ الإِله فجَبَرْ

  التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما مثَّلنا.

  وقال ابن جني: أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّه عندهم أَي كأَنَّ له وجهين: أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو قوله: