[فصل الهمزة]
  فتأَوَّت له قراضبة من ... كل حيٍّ، كأَنهم أَلقاءُ
  وإِذا أَمرتَ من أَوَى يأْوِي قلت: ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه، وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه، والافتعالُ منهما ائْتَوَى يأْتَوِي.
  وأَوى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً: رَقَّ ورَثى له؛ قال زهير:
  بانَ الخَلِيطُ ولم يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا(١)
  وفي الحديث: أَن النبي، ﷺ، كان يُخَوِّي في سجوده حتى كنا نأْوي له؛ قال أَبو منصور: معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه.
  وفي حديث آخر: كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي أَرِقُّ له وأَرثي.
  وفي حديث المغيرة: لا تَأْوي من قلَّة أَي لا تَرْحَمُ زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام؛ وقوله:
  أَراني، ولا كُفْرانَ لله، أَيَّةً ... لنَفْسِي، لقد طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ
  فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها؛ وهو اعتراض وقولُه: ولا كفران لله، وقال غيره: لا كفران لله، قال أَي غير مُقْلَق من الفَزَع، أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي، نصبه لأَنه مفعول له.
  قال الجوهري: أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً، تقلب الواو ياء لسكون ما قبلها وتدغم؛ قال ابن بري: صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون.
  واسْتَأْوَيْنُه أَي اسْتَرحمته استِيواءً؛ قال ذو الرمة:
  على أَمْرِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه ... ولو أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه ما أَوى ليا
  وأَما حديث وهب: إِن الله ø قال إِني أَوَيْتُ على نفسي أَن أَذْكُرَ من ذكرني، قال ابن الأَثير: قال القتيبي هذا غلط إِلا أَن يكون من المقلوب، والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ، يقول: جعلته وَعْداً على نفسي.
  وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا: فاسْتَأَى لها؛ قال: بوزن اسْتَقى، ورُوي: فاسْتاء لها، بوزن اسْتاق، قال: وكلاهما من المَساءَة أَي ساءَتْه، وهو مذكور في ترجمة سوأَ؛ وقال بعضهم: هو اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل اللام من الأَصل، أَخذه من التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها، قال: والصحيح الأَعول.
  أَبو عمرو: الأُوَّة الداهية، بضم الهمزة وتشديد الواو.
  قال: ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من الأُوَوِ يا فتى أَي داهيةٌ من الدواهي؛ قال: وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا الواو كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ، بالواو الصحيحة، قال: والقياس في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً، ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن العرب.
  قال المازني: آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ، قال: وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الواو في الواو وشُدّت، وقال أَبو حاتم: هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى أَوَّة، زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ حاقَّ رأْسه، فزادوا هذه الأَلف؛ وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر:
  تأَوَّه آهةَ الرجلِ الحَزينِ
  لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية، أَلا ترى أَنهم يقولون آوّتا، فيقلبون الهاء تاء؟ قال أَبو حاتم: وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه، بوزن عاوُوه، وهو من الفعل فاعُولٌ، والهاء فيه أَصلية.
  ابن سيده: أَوَّ لَه كقولك أَوْلى له، ويقال له أَوِّ من كذا، على معنى التحزن، على مثال قَوِّ، وهو من مضاعف الواو؛ قال:
(١) عجزالبيت:
وزودوك اشتياقاً أية سلكوا