لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 54 - الجزء 14

  فأَوِّ لِذِكراها، إِذا ما ذَكَرْتُها ... ومن بُعْدِ أَرضٍ دُونَنا وسماء

  قال الفراء: أَنشدنيه ابن الجراح:

  فأَوْه مِن الذِّكْرَى إِذا ما ذكرتُها

  قال: ويجوز في الكلام من قال أَوْه، مقصوراً، أَن يقول في يَتَفَعَّل يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء.

  وقال أَبو طالب: قول العامة آوَّه، ممدود، خطأٌ إِنما هو أَوَّه من كذا وأَوْه منه، بقصر الأَلف.

  الأَزهري: إِذا قال الرجل أَوَّه من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك، وقيل: أَوَّه فعلة، هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء؛ وكذلك قال الليث أَوَّه بمنزلة فعلة أَوَّةً لك.

  وقال أَبو زيد: يقال أَوْه على زيد، كسروا الهاء وبينوها.

  وقالوا: أَوَّتا عليك، بالتاء، وهو التهلف على الشيء، عزيزاً كان أَو هيناً.

  قال النحويون: إِذا جعلت أَوّاً اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ، وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً، تقول ذلك لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا، وكذلك تثقل لَوّاً إِذا جعلته اسماً؛ وقال أَبو زُبَيْدٍ:

  إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوّاً عَناءُ

  وقول العرب: أَوِّ من كذا، بواو ثقيلة، هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو همٍّ أَو حزن.

  وأَوْ: حرف عطف.

  وأَو: تكون للشك والتخيير، وتكون اختياراً.

  قال الجوهري: أَو حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام، وإِذا دخل الأَمر والنهي دل على التخيير والإِباحة، فأَما الشك فقولك: رأَيت زيداً أَو عمراً، والإِبهام كقوله تعالى: وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين؛ والتخيير كقولك: كل السمك أَو اشرب اللبن أَي لا تجمع بينهما، والإِباحة كقولك: جالس الحسن أَو ابن سيرين، وقد تكون بمعنى إِلى أَن، تقول: لأَضربنه أَو يتوبَ، وتكون بمعنى بل في توسع الكلام؛ قال ذو الرمة:

  بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى ... وصُورَتِها، أَو أَنتِ في العَينِ أَمْلَحُ

  يريد: بل أَنت.

  وقوله تعالى: وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون؛ قال ثعلب: قال الفراء بل يزيدون، قال: كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقيل: معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس، وقيل: أَو يزيدون عندكم فيجعل معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ وجمال رائع، فإِذا رآهم الناس قالوا هؤلاء مائتا أَلف.

  وقال أَبو العباس المبرد: إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه أَن يؤَدّبه؛ وقوله أَو يزيدون، يقول: فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ الأَولاد أَيضاً فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً؛ قال ابن بري: أَو في قوله أَو يزيدون للإِبهام، على حدّ قول الشاعر:

  وهَلْ أَنا إِلَّا من ربيعةَ أَو مُضَرْ

  وقيل: معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو يزيدون، فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأَن الخالق لا يعترضه الشك في شيء من خبره، وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه.

  وقال أَبو زيد في قوله أَو يزيدون: إِنما هي ويزيدون، وكذلك قال في قوله تعالى: أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا ما نشاء؛ قال: تقديره وأَن نفعل.

  قال أَبو منصور: وأَما قول الله تعالى في آية الطهارة: وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء أَحدٌ منكم من الغائط أَو لمستم