لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 66 - الجزء 14

  معناه: خرجت عن شَرْخ الشباب إلى حدّ الكُهُولة التي معها الرأْيُ والحِجا، فصرت كالفحولة التي بها يقع الاختيار ولها بالفضل تكثر الأَوصاف؛ قال الجوهري: من همزه جعله من بَدَأْتُ معناه أَوَّلَ الرَّأْيِ.

  وبادَى فلانٌ بالعداوة أَي جاهر بها، وتَبادَوْا بالعداوة أَي جاهَرُوا بها.

  وبَدَا له في الأَمر بَدْواً وبَداً وبَدَاءً؛ قال الشَّمَّاخ:

  لَعَلَّك، والمَوْعُودُ حقُّ لقاؤه ... بَدَا لكَ في تلك القَلُوص بَداءُ⁣(⁣١)

  وقال سيبويه في قوله ø: ثم بدا لهم من بعد ما رأَوا الآيات ليَسْجُنُنَّه؛ أَراد بدا لهم بَداءٌ وقالوا ليسجننه، ذهب إلى أَن موضع ليسجننه لا يكون فاعلَ بَدَا لأَنه جملة والفاعل لا يكون جملة.

  قال أَبو منصور: ومن هذا أَخذ ما يكتبه الكاتب في أَعقاب الكُتُب.

  وبَداءَاتُ عَوارِضك، على فَعَالاتٍ، واحدتها بَدَاءَةٌ بوزن فَعَالَة: تأنيث بَدَاءٍ أَي ما يبدو من عوارضك؛ قال: وهذا مثل السَّمَاءة لِمَا سَمَا وعَلاك من سقف أَو غيره، وبعضهم يقول سَمَاوَةٌ، قال: ولو قيل بَدَواتٌ في بَدَآت الحَوائج كان جائزاً.

  وقال أَبو بكر في قولهم أَبو البَدَوَاتِ، قال: معناه أَبو الآراء التي تظهر له، قال: وواحدة البَدَوَات بَدَاةٌ، يقال بَداة وبَدَوات كما يقال قَطاة وقَطَوات، قال: وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة فيقولون للرجل الحازم ذو بَدَوات أَي ذو آراء تظهر له فيختار بعضاً ويُسْقطُ بعضاً؛ أَنشد الفراء:

  من أَمْرِ ذي بَدَاوتٍ مَا يَزالُ له ... بَزْلاءُ، يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ

  قال: وبَدا لي بَدَاءٌ أَي تَغَيَّر رأْي على ما كان عليه.

  ويقال: بَدا لي من أَمرك بَداءٌ أَي ظهر لي.

  وفي حديث سلمة بن الأَكْوَع: خرجت أَنا وربَاحٌ مولى رسول الله، ، ومعي فرسُ أَبي طلحة أُبَدّيه مع الإِبل أَي أُبْرزُه معها إلى موضع الكَلإِ.

  وكل شيء أَظهرته فقد أَبديته وبَدَّيته؛ ومنه الحديث: أَنه أَمر أَن يُبادِيَ الناسَ بأَمره أَي يظهره لهم؛ ومنه الحديث: من يُبْدِ لنا صَفْحَتَه نُقِمْ عليه كتابَ الله أَي من يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أَقمنا عليه الحد.

  وفي حديث الأَقْرع والأَبْرص والأَعمى: بَدَا الله ø أَن يبتليهم أَي قضى بذلك؛ قال ابن الأَثير: وهو معنى البَداء ههنا لأَن القضاء سابق، والبداءُ استصواب شيء عُلم بعد أَن لم يَعْلم، وذلك على الله غير جائز.

  وقال الفراء: بَدا لي بَداءٌ أَي ظهر لي رأْيٌ آخر؛ وأَنشد:

  لو على العَهْدِ لم يَخُنه لَدُمْنا ... ثم لم يَبْدُ لي سواه بَدَاءُ

  قال الجوهري: وبدا له في الأَمر بداءً، ممدودة، أَي نشأَ له فيه رأْيٌ، وهو ذو بَدَواتٍ، قال ابن بري: صوابه بَداءٌ، بالرفع، لأَنه الفاعل وتفسيره بنَشَأَ له فيه رأْيٌ يدلك على ذلك؛ وقول الشاعر:

  لعَلَّكَ، والموعودُ حَقٌّ لِقاؤه ... بَدَا لك في تلك القَلُوصِ بَدَاءُ

  وبَداني بكذا يَبْدوني: كَبَدأَني.

  وافعَل ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ بَدِيّ، غير مهموز؛ قال:

  وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي

  وقد ذكر في الهمزة، وحكى سيبويه: بادِيَ بَدَا، وقال: لا ينوّن ولا يَمْنَعُ القياسُ تنوينَه.

  وقال


(١) في نسخة: وفاؤه.