[فصل الثاء المثلثة]
  ما حُطَّ عن بني إسرائيل؛ الثَّنِيّة في الجبل: كالعقبة فيه، وقيل: هي الطريق العالي فيه، وقيل: أَعلى المَسِيل في رأْسه، والمُرار، بالضم: موضع بين مكة والمدينة من طريق الحُدَيْبية، وبعضهم يقوله بالفتح، وإنما حَثَّهم على صعودها لأَنها عَقَبة شاقَّة، وصلوا إليها ليلاً حين أَرادوا مكة سنة الحديبية فرغَّبهم في صعودها، والذي حُطَّ عن بني إسرائيل هو ذنوبهم من قوله تعالى: وقولوا حِطَّةٌ نغفر لكم خطاياكم؛ وفي خطبة الحجَّاج:
  أَنا ابنُ جَلا وطَلَّاع الثَّنايا
  هي جمع ثَنِيّة، أَراد أَنه جَلْدٌ يرتكب الأُمور العظام.
  والثَّناءُ: ما تصف به الإِنسانَ من مَدْح أَو ذم، وخص بعضهم به المدح، وقد أثْنَيْتُ عليه؛ وقول أبي المُثلَّم الهذلي:
  يا صَخْرُ، أَو كنت تُثْني أَنَّ سَيْفَكَ مَشْقُوقُ ... الخُشَيْبةِ، لا نابٍ ولا عَصِلُ
  معناه تمتدح وتفتخر، فحذف وأَوصل.
  ويقال للرجل الذي يُبْدَأُ بذكره في مَسْعاةٍ أو مَحْمَدة أَو عِلْمٍ: فلان به تُثْنَى الخناصر أَي تُحْنَى في أَوَّل من يُعَدّ ويُذْكر، وأَثْنَى عليه خيراً، والاسم الثَّناء.
  المظفر: الثَّناءُ، ممدود، تَعَمُّدُك لتُثْنيَ على إنسان بحسَن أَو قبيح.
  وقد طار ثَناءُ فلان أَي ذهب في الناس، والفعل أَثْنَى فلان(١).
  على الله تعالى ثم على المخلوق يثني إثناء أَو ثناء يستعمل في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده.
  ابن الأَعرابي: يقال أَثْنَى إذا قال خيراً أَو شرّاً، وأَنْثَنَى إذا اغتاب.
  وثِناء الدار: فِناؤها.
  قال ابن جني: ثِناء الدار وفِناؤها أَصْلانِ لأَن الثِّناء مِن ثَنَى يَثْني، لأَن هناك تَنْثَني عن الانبساط لمجيء آخرها واستقصاء حدودها، وفِناؤها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأَنك إذا تناهيت إلى أَقصى حدودها فَنِيَتْ.
  قال ابن سيده: فإن قلت هلا جعلت إجماعهم على أَفْنِيَة، بالفاء، دلالة على أَن الثاء في ثِناء بدل من فاء فناء، كما زعمت أَن فاء جَدَف بدل من ثاء جَدَث لإِجماعهم على أَجْداث بالثاء، فالفرق بينهما وجودنا لِثِناء من الاشتقاق ما وجدناه لِفِناء، أَلا ترى أَن الفعل يتصرف منهما جميعاً؟ ولَسْنا نعلم لِجَدَفٍ بالفاء تَصَرُّفَ جَدَثٍ، فلذلك قضينا بأَن الفاء بدل من الثاء، وجعله أَبو عبيد في المبدل.
  واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشيء: حاشَيْتُه.
  والثَّنِيَّة: ما اسْتُثْني.
  وروي عن كعب أَنه قال: الشُّهداء ثَنِيَّةُ الله في الأَرض، يعني مَن اسْتَثْناه من الصَّعْقة الأُولى، تأوَّل قول الله تعالى: ونفخ في الصور فصَعِق من في السماوات ومن في الأَرض إلا من شاء الله؛ فالذين استَثْناهم الله عند كعب من الصَّعْق الشهداء لأَنهم أَحياء عند ربهم يُرْزَقون فَرِحِين بما آتاهم الله من فضله، فإذا نُفِخ في الصور وصَعِقَ الخَلْقُ عند النفخة الأُولى لم يُصْعَقوا، فكأَنهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعِقين، وهذا معنى كلام كعب، وهذا الحديث يرويه إبراهيم النخعي أَيضاً.
  والثَّنِيَّة: النخلة المستثناة من المُساوَمَة.
  وحَلْفةٌ غير ذات مَثْنَوِيَّة أَي غير مُحَلَّلة.
  يقال: حَلَف فلان يميناً ليس فيها ثُنْيا ولا ثَنْوَى(٢).
  ولا ثَنِيَّة ولا مَثْنَوِيَّةٌ ولا استثناء، كله واحد، وأصل هذا كله من الثَّنْي والكَفِّ والرَّدّ لأَن
(١) قوله [والفعل أثنى فلان] كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً من الناسخ وأصل الكلام: والفعل أثنى فلان الخ.
(٢) قوله [ليس فيها ثنيا ولا ثنوى] أي بالضم مع الياء والفتح مع الواو كما في الصحاح والمصباح وضبط في القاموس بالضم، وقال شارحه: كالرجعي.