لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الجيم]

صفحة 130 - الجزء 14

  البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا يبالي أَن لا يُعِدَّها؛ ويروى: كجابية السَّيْح، وهو الماء الجاري، والجمع الجَوابي؛ ومنه قوله تعالى: وجِفانٍ كالجوابي.

  والجَبَايا: الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم؛ حكاها أَبو حنيفة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

  وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ ... ولا تُسْقَى الحَوائِمُ من جَباها

  فسره فقال: عنى ههنا الشرابَ⁣(⁣١)، وجَبا: رَجَعَ؛ قال يصف الحمار:

  حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا

  يقول: إذا أَشرف في هذا الوادي رجع، ورواه ثعلب: في جوفِ جَبَا، بالإِضافة، وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَا، بالتنوين، وهي تكتب بالأَلف والياء.

  وجَبَّى الرجلُ: وضع يديه على ركبتيه في الصلاة أَو على الأَرض، وهو أَيضاً انْكبابه على وجهه؛ قال:

  يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا ... مُجَبِّياً في مائها مُنْكَبّا

  وفي الحديث: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على رسول الله، ، أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُجَبُّوا، فقال النبي، : لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه؛ أَصل التَّجْبِيةَ أَن يقوم الإِنسان قيام الراكع، وقيل: هو السجود؛ قال شمر: لا يُجَبُّوا أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون، والعرب تقول جَبَّى فلان تَجْبِيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه على ركبتيه منحنياً وهو قائم.

  وفي حديث ابن مسعود: أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين؛ قال أَبو عبيد: التجبية تكون في حالين: إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو المعنى الذي في الحديث، أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين؟ والوجه الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً، وهو كالسجود، وهذا الوجه المعروف عند الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون سُجَّداً لرب العالمين فجعل السجود هو التَّجْبية؛ قال الجوهري: والتَّجْبية أَن يقوم الإِنسان قيام الراكع؛ قال ابن الأَثير: والمراد بقولهم لا يُجَبُّونَ أَنهم لا يصلون، ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم: ولا خيرَ في دِينٍ ليس فيه ركوع، فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها.

  وسئل جابر عن اشتراط ثَقيف أَن لا صدقة عليها ولا جهاد فقال: علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا أَسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت الزكاة والجهاد؛ ومنه حديث عبد الله أَنه⁣(⁣٢).

  ذكر القيامة قال: ويُجَبُّون تَجْبِيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين.

  وفي حديث الرؤيا: فإذا أَنا بِتَلّ أَسود عليه قوم مُجَبُّون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار.

  وفي حديث جابر: كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جاء الولدُ أَحْوَل، أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود.

  واجْتَباه أَي اصْطفاه.

  وفي الحديث: أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه.

  ابن سيده: واجْتَبَى الشيءَ اختاره.

  وقوله ø: وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا اجْتَبَيْتها؛ قال: معناه عند ثعلب جئت بها من نفسك، وقال الفراء: معناه هلا اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها وافْتَعَلْتها من قِبَل


(١) قوله [الشراب] هو في الأصل بالشين المعجمة، وفي التهذيب بالسين المهملة.

(٢) قوله [ومنه حديث عبد الله أنه إلخ] هكذا في النسخ التي بأيدينا.