فصل الطاء المهملة
  لم أُحْكِمْ هذه الروايَةَ التي رَوَيْتها عن النبي، ﷺ، كإِحْكامِ الطاهي للطعام، وكان وجْه الكلام أَن يقول فما كان إِذاً طَهْوِي(١) ولكن الحدِيث جاء على هذا اللَّفْظِ، ومعناه أَنَّه لم يكن لي عَمَلٌ غيرُ السمَاعِ، أَو أَنَّه إنكارٌ لأَنْ يكونَ الأَمْرُ على خلاف ما قال، وقيل: هُوَ بمعنى التَّعَجُّب كأَنه قال وإِلَّا فأَيُّ شيءٍ حِفْظِي وإِحْكامي ما سَمِعْتُف والطُّهَى: الذَّنْبُ.
  طَهَى طَهْياً: أَذْنَبَ؛ حكاه ثعلب عن ابن الأَعرابي، قال: وذلك من قَوْل أَبي هريرة أَنا ما طَهْوِي أَي أَيُّ شيء طَهْوِي، على التَّعَجب، كأَنه أَراد أَي شَيءٍ حِفْظِي لما سمعته وإحكامي.
  وطَهَتِ الإِبلُ تَطْهى طَهْواً وطُهُوّاً وطَهْياً: انْتَشَرَتْ وذَهَبَتْ في الأَرض؛ قال الأَعشى:
  ولَسْنَا لبَاغِي المُهْمَلاتِ بِقِرْفَةٍ ... إذا ما طَهَى باللَّيْلِ مُنْتَشِراتُها
  ورواه بعضهم: إِذا ماطَ، من ماطَ يَمِيطُ.
  والطُّهاوة: الجِلْدَة الرَّقِيقَة فوقَ اللَّبَنِ أَو الدَّم.
  وطَهَا في الأَرض طَهْياً: ذَهب فيها مثلَ طَحَا؛ قال:
  ما كانَ ذَنْبِي أَنْ طَهَا ثُمَّ لم يَعُد ... وحُمْرانُ فيها طائِشُ العَقْلِ أَصْوَرُ
  وأَنشد الجوهري:
  طَهَا هِذْرِيانٌ، قَلَّ تَغْمِيضُ عَيْنِه ... على دُبَّة مثل الخَنِيف المُرَعْبَلِ
  وكذلك طَهَتِ الإِبلُ.
  والطَّهْيُ: الغَيْمُ الرَّقيق، وهو الطَهاءُ لغة في الطَّخاءِ، واحدَتُه طَهاءَةٌ؛ يقال: ما على السماء طَهاءَةٌ أَي قَزَعة.
  ولَيلٌ طاه أَي مُظْلِمٌ.
  الأَصمعي: الطَّهاءُ والطَّخاءُ والطَّخافُ والعَماءُ كلُّه السحابُ المرتفِعُ، والطَّهْي الصِّراع، والطَّهْي الضرب الشديد.
  وطُهَيَّةٌ: قَبيلة، النسَبُ إليها طُهَوِيٌّ وطُهْوِيٌّ وطَهَوِيٌّ وطَهْوِيٌّ، وذكروا أَنَّ مُكَبَّره طهْوة، ولكنهم غلَب استعمالهم له مُصَغَّراً؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقَوِيٍّ، قال: وقال سيبويه النَّسَب إِلى طُهَيَّة طُهْوِيٌّ، وقال بعضهم: طُهَوِيٌّ على القياس، وقيل: هم حَيٌّ من تميم نُسِبوا إِلى أُمِّهِمْ، وهم أَبو سَوْدٍ وعَوْفٌ وحبيش(٢) بنو مالكِ بنِ حَنْظَلَة؛ قال جرير:
  أَثَعْلَبَة الفَوارِسَ أَوْ رِياحاً ... عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا؟
  قال ابن بري: قال ابن السيرافي لا يروى فيه إِلَّا نصبُ الفوارِس على النَّعْتِ لثَعلبة؛ الأَزهري: مَنْ قال طَهْوِيٌّ جَعلَ الأَصلَ طَهْوَةَ.
  وفي النوادِرِ: ما أَدْرِي أَيُّ الطَّهْياءِ هو(٣) وأَيُّ الضَّحْياءِ هو وأَيُّ الوَضَحِ هو؛ وقال أَبو النجم:
  جَزَاه عنّا ربُّنا، رَبُّ طَهَا ... خَيْرَ الجزاء في العَلاليِّ العُلا
  فإنما أَرادَ رَبُّ طَه السُّورة، فَحَذَف الأَلِفَ؛ وأَنشد الباهليُّ للأَحْولِ الكِنْدِيِّ:
  وليْتَ لنا، من ماءِ زَمْزَمَ، شَرْبةً ... مُبَرَّدةً باتَتْ على الطَّهَيانِ
  يعني من ماءِ زمزمٍ، بدلَ ماءِ زَمْزَمَ، كقوله:
(١) قوله [فما كان إذاً طهوي] هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: أن يقول فما طهوي أي فما كان إذاً طهوي الخ.
(٢) قوله [حبيش] هكذا في الأصل وبعض نسخ الصحاح، وفي بعضها: حنش.
(٣) قوله [أي الطهياء هو الخ] فسره في التكملة فقال: أي أَيّ الناس هو.