[فصل الكاف]
  وهذا أَكثر الكلام، وقد قيل: إِن العرب تحذف الياء من كَيْما فتجعله كما، يقول أَحدهم لصاحبه اسْمع كما أُحَدِّثك، معناه كَيْما أُحَدِّثك، ويرفعون بها الفعل وينصبون؛ قال عدي:
  اسْمَعْ حَدِيثاً كما يَوْماً تُحَدِّثه ... عن ظَهْرِ غَيْبٍ، إِذا ما سائلٌ سالا
  من نصب فبمعنى كَيْ، ومن رفع فلأَنه لم يلفظ بكى، وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة قال: وفي الحديث من حَلَف بِملَّةٍ غير مِلَّة الإِسلام كاذباً فهو كما قال؛ قال: هو أَن يقول الإِنسان في يَمينه إِن كان كذا وكذا فهو كافر أَو يهوديّ أَو نصراني أَو بَريء من الإِسلام، ويكون كاذباً في قوله، فإِنه يصير إِلى ما قاله من الكفر وغيره، قال: وهذا وإن كان يَنعقد به يمين، عند أَبي حنيفة، فإِنه لا يوجب فيه إِلا كفَّارة اليمين، أَما الشافعي فلا يعدّه يميناً ولا كفَّارة فيه عنده.
  قال: وفي حديث الرؤية فإِنكم تَرَوْنَ ربكم كما تَرَوْنَ القمَر ليلة البدْر، قال: وقد يُخيل إِلى بعض السامعين أَن الكاف كاف التشبيه للمَرْئىّ، وإِنما هو للرُّؤية، وهي فعل الرّائي، ومعناه أَنكم ترون ربكم رُؤية ينزاح معها الشك كرؤيتكم القمر ليلة البدر لا تَرتابون فيه ولا تَمْتَرُون.
  وقال: وهذان الحديثان ليس هذا موضعهما لأَن الكاف زائدة على ما، وذكرهما ابن الأَثير لأَجل لفظهما وذكرناهما نحن حفظاً لذكرهما حتى لا نخل بشيء من الأُصول.
  كني: الكُنْيَةُ على ثلاثة أوجه: أَحدها أَن يُكْنَى عن الشيء الذي يُستفحش ذكره، والثاني أَن يُكْنى الرجل باسم توقيراً وتعظيماً، والثالث أَن تقوم الكُنْية مَقام الاسم فيعرف صاحبها بها كما يعرف باسمه كأَبي لهب اسمه عبد العُزَّى، عرف بكُنيته فسماه الله بها.
  قال الجوهري: والكُنْيةُ والكِنْية أَيضاً واحدة الكُنى، واكتَنى فلان بكذا.
  والكناية: أَن تتكلم بشيء وتريد غيره.
  وكَنَى عن الأَمر بغيره يَكني كِناية: يعني إِذا تكلم بغيره مما يستدل عليه نحو الرفث والغائط ونحوه.
  وفي الحديث: من تَعَزَّى بعزَاء الجاهلية فأَعِضُّوه بأَيْر أَبيه ولا تَكْنُوا.
  وفي حديث بعضهم: رأَيت عِلْجاً يومَ القادِسيةِ وقد تَكَنَّى وتَحَجَّى أَي تستر، من كَنَى عنه إِذا وَرَّى، أَو من الكُنْية، كأَنه ذكر كنْيته عند الحرب ليُعرف، وهو من شعار المُبارزين في الحرب، يقول أَحدهم: أَنا فلان وأَنا أَبو فلان؛ ومنه الحديث: خُذها مني وأَنا الغُلام الغِفاريُّ.
  وقول علي، ¥: أَنا أَبو حَسَنٍ القَرْم.
  وكَنَوت بكذا عن كذا؛ وأَنشد:
  وإِني لأَكني عن قَذورَ بغَيْرِها ... وأُعْرِبُ أَحْياناً بها فأُصارِحُ
  ورجل كانٍ وقوم كانُونَ.
  قال ابن سيده: واستعمل سيبويه الكناية في علامة المضمر.
  وكَنَيْتُ الرجا بأَبي فلان وأَبا فلان على تَعْدِية الفعل بعد إِسقاط الحرف كُنْية وكِنْيةً؛ قال:
  راهِبة تُكْنَى بأُمِّ الخَيْر
  وكذلك كَنيته؛ عن اللحياني، قال: ولم يعرف الكسائي أَكْنَيْتُه، قال: وقوله ولم يعرف الكسائي أكنيته يوهم أَن غيره قد عرفه.
  وكُنيةُ فلان أَبو فلان، وكذلك كِنْيَتُه أَي الذي يُكْنَى به، وكُنْوة فلان أَبو فلان، وكذلك كِنْوته؛ كلاهما عن اللحياني.
  وكَنَوْتُه: لغة في كَنَيْته.
  قال أَبو عبيد: يقال كَنيت الرجل وكَنوته لغتان؛ وأَنشد