لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الكاف]

صفحة 235 - الجزء 15

  كما أَعْيَتْ على الراقين أَكْهَى ... تَعَيَّتْ، لا مِياه ولا فِراغا

  وقضى ابن سيده أَن أَلف كَهاة ياء، لأَن الأَلف ياء أَكثر منها واواً.

  أَبو عمرو: أَكْهَى الرجلُ إِذا سَخَّن أَطراف أَصابعه بنَفَسه، وكان في الأَصل أَكَه فقُلبت إِحدى الهاءين ياء؛ وقول الشاعر:

  وإِنْ يَكُ إِنْساً ما كَها الإِنسُ يَفْعَل⁣(⁣١)

  يريد: ما هكذا الإِنس تَفعل، فترك ذا وقدم الكاف.

  كوي: الكَيُّ: معروف إِحراقُ الجلد بحديدة ونحوها، كواه كَيّاً.

  وكوَى البَيْطارُ وغيره الدابة وغيرها بالمِكْواة يَكْوِي كَيّاً وكَيَّة، وقد كَوَيْتُه فاكْتَوَى هو.

  وفي المثل: آخِرُ الطِّبِّ الكَيُّ.

  الجوهري: آخر الدَّواء الكيّ، قال: ولا تقل آخرُ الداء الكيّ.

  وفي الحديث: إَني⁣(⁣٢) لأَغتسل من الجنابة قبل امرأَتي ثم أَتَكَوَّى بها أَي أَسْتَدْفئُ بمُباشَرتها وحَرِّ جسمها، وأَصله من الكيّ.

  والمِكْواةُ: الحديدة المِيسَمُ أَو الرَّضفة التي يُكْوى بها؛ وفي المثل:

  قد يَضْرَطُ العَيْرُ والمِكْواةُ في النار

  يضرب هذا للرجل يتوقع الأَمر قبل أَن يَحِلَّ به؛ قال ابن بري: هذا المثل يضرب للبخيل إِذا أَعطَى شيئاً مخافةً ما هو أَشدّ منه، قال: وهذا المثل يروى عن عمرو بن العاص، قاله في بعضهم، وأَصله أَن مُسافر بن أَبي عمرو سَقَى بَطْنُه فداواه عِبادِيٌّ وأَحْمَى مَكاوِيه، فلما جعلها على بطنه ورجل قريب منه ينظر إِليه جعل يَضْرَطُ فقال مسافر:

  العَيْرُ يَضْرَط والمِكواةُ في النار

  فأَرْسَلها مثلاً.

  قال: ويقال إِن هذا يضرب مثلاً لمن أَصابه الخوف قبل وقوع المكروه.

  وفي الحديث: أَنه كَوَى سعدَ بن مُعاذ لينقطع دم جرحه؛ الكيّ بالنار: من العِلاج المعروف في كثير من الأَمراض، وقد جاء في أَحاديث كثيرة النهي عن الكَيّ، فقيل: إِنما نُهيَ عنه من أَجل أَنهم كانوا يعظمون أَمره ويرون أَنه يَحْسِمُ الدَّاء، وإِذا لم يُكْوَ العُضو عَطِب وبطل، فنهاهم عنه إِذا كان على هذا الوجه، وأَباحه إِذا جُعل سبباً للشفاء لا علة له، فإِن الله ø هو الذي يُبرئه ويَشفِيه لا الكَيّ ولا الداء، وهذا أَمر يكثر فيه شكوك الناس، يقولون: لو شرب الدَّواء لم يمت، ولو أَقام ببلده لم يقتل، ولو اكْتَوَى لم يَعْطَب؛ وقيل: يحتمل أَن يكون نهيه عن الكيّ إِذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض وقبل الحاجة إِليه، وذلك مكروه، وإِنما أُبِيح التداوي والعلاج عند الحاجة إِليه، ويجوز أَن يكون النهي عنه من قبيل التوكل كقوله: الذين لا يَسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون.

  والتوكُّلُ: درجة أُخرى غير الجواز، والله أَعلم.

  والكَيَّةُ: موضع الكَيِّ.

  والكاوِياء: مِيسَمٌ يُكْوَى به.

  واكْتَوَى الرجل يَكْتَوِي اكْتِواء: استعمل الكَيَّ.

  واسْتَكْوَى الرجل: طلب أَن يُكْوَى.

  والكَوَّاء: فَعَّال من الكاوِي.

  وكَواه بعينه إِذا أَحدَّ إِليه النظر.

  وكَوَتْه العقرب: لدغته.

  وكاوَيْتُ الرجل إِذا شاتمته مثل كاوَحْته.


(١) قوله [وإن يك الخ] صدره كما في التكملة:

فان يك من جن فأَبرح طارقاً

(٢) قوله [وفي الحديث اني لخ] في النهاية: وفي حديث ابن عمر اني لاغتسل الخ.