لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

حرف الألف اللينة

صفحة 431 - الجزء 15

  أَيديهم إذا هُمْ يَقْنَطُون؛ وتكون للشيء توافقه في حال أَنت فيها وذلك نحو قولك خرجت فإذا زَيْدٌ قائمٌ؛ المعنى خرجت ففاجأَني زيد في الوقت بقيام؛ قال ابن بري: ذكر ابن جني في إعراب أَبيات الحماسة في باب الأَدب في قوله:

  بَيْنا نَسُوسُ النَّاسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا ... إذا نَحنُ فيهمْ سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ

  قال: إذا في البيت هي المَكانِيَّة التي تَجِيء للمُفاجأَة؛ قال: وكذلك إذْ في قول الأَفوه:

  بَيْنَما الناسُ عَلى عَلْيائِها ... إذْ هَوَوْا في هُوَّةٍ فيها فَغارُوا

  فإذْ هنا غير مضافة إلى ما بعدها كَإذا التي للمفاجأة، والعامل في إذْ هَوَوْا؛ قال: وأَمّا إذْ فهي لما مضى من الزمان، وقد تكون للمُفاجأة مثل إذا ولا يَلِيها إلا الفِعلُ الواجب، وذلك نحو قولك بينما أَنا كذا إذْ جاء زيد، وقد تُزادَان جميعاً في الكلام كقوله تعالى: وإذْ واعَدْنا مُوسى؛ أَي وواعَدْنا؛ وقول عبد مناف بن رِبْع الهُذَليّ:

  حتَّى إذا أَسْلَكُوهم في قُتائِدةٍ ... شَلٍّا كما تَطْردُ الجمَّالةُ الشُّرُدا

  أَي حتى أَسلكوهم في قُتائدة لأَنه آخر القصيدة، أو يكون قد كَفَّ عن خبره لعلم السامع؛ قال ابن بري: جواب إذا محذوف وهو الناصب لقوله شَلاً تقديره شَلُّوهم شَلاً، وسنذكر من معاني إذا في ترجمة ذا ما ستقف عليه، إن شاء الله تعالى.

  إلا: الأَزهري: إلا تكون استثناء، وتكون حرف جزاء أَصلها إن لا، وهما معاً لا يُمالان لأَنهما من الأَدواتِ والأَدواتُ لا تُمالُ مثل حتى وأَما وأَلا وإذا، لا يجوز في شيء منها الإِمالة أَلف ليست بأَسماء، وكذلك إلى وعلى ولَدَى الإِمالة فيها غير جائزة.

  وقال سيبويه: أَلق إلى وعلى منقلبتان من واوين لأَن الأَلفات لا تكون فيها الإِمالة، قال: ولو سمي به رجل قيل في تثنيته أَلَوانِ وعَلَوانِ، فإذا اتصل به المضمر قلبته فقلت إلَيْكَ وعَلَيْكَ، وبعض العرب يتركه على حاله فيقول إلاك وعَلاك؛ قال ابن بري عند قول الجوهريّ لأَنَّ الأَلفات لا يكون فيها الإِمالة، قال: صوبه لأَن أَلِفَيْهِما والأَلِفُ في الحروف أَصل وليست بمنقلبة عن ياء ولا واو ولا زائدة، وإنما قال سيبويه أَلف إلى وعلى منقلبتان عن واو إذا سميت بهما وخرجا من الحرفية إلى الاسمية، قال: وقد وَهِمَ الجوهري فيما حكاه عنه، فإذا سميت بها لَحِقَت بالأَسماء فجُعِلَتْ الأَلف فيها منقلبة عن الياء وعن الواو نحو بَلَى وإلى وعلى، فما سُمِع فيه الإِمالة يثنى بالياء نحو بَلَى، تقول فيها بَلَيانِ، وما لم يُسمع فيه الإِمالة ثني بالواو نحو إلى وعلى، تقول في تثنيتهما اسمين إلَوانِ وعَلَوانِ.

  قال الأَزهري: وأَما مَتَى وأَنَّى فيجوز فيهما الإِمالة لأَنهما مَحَلَّانِ والمحالُّ أَسماء، قال: وبَلَى يجوز فيها الإِمالة لأَنها ياء زيدت في بل، قال: وهذا كله قول حذاق النحويين، فأَما إلا التي أَصلها إنْ لا فإنها تلي الأَفعال المُسْتَقْبَلَة فتجزمها، من ذلك قوله ø: إلا تَفْعَلوه تَكُنْ فِتنة في الأَرض وفساد كبير؛ فَجَزْمُ تفعلوه وتكن بإلَّا كما تفعل إن التي هي أُمّ الجزاء وهي في بابها.

  الجوهري: وأَما إلا فهي حرف استثناء يُستثنى بها على خمسة أَوجه: بعد الإِيجاب وبعد النفي والمُفَرَّغِ والمُقَدَّمِ والمُنْقَطِع؛ قال ابن بري: هذه عبارة سيئة، قال: وصوابها أَن يقول الاستثناء بإلَّا يكون بعد الإِيجاب وبعد النفي متصلاً ومنقطعاً ومُقَدَّماً ومؤخراً، وإلا في جميع ذلك مُسَلِّطة