لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الميم]

صفحة 91 - الجزء 2

  والمُواتُ، بالضم: المَوْتُ.

  ماتَ يَمُوتُ مَوْتاً، ويَمات، الأَيرة طائيَّة؛ قال:

  بُنَيَّ، يا سَيِّدةَ البَناتِ ... عِيشي، ولا يُؤْمَنُ أَن تَماتي⁣(⁣١)

  وقالوا: مِتَّ تَموتُ؛ قال ابن سيده: ولا نظير لها من المعتل؛ قال سيبويه: اعْتَلَّتْ من فَعِلَ يَفْعُلُ، ولم تُحَوَّلْ كما يُحَوَّلُ، قال: ونظيرها من الصحيح فَضِلَ يَفْضُل، ولم يجئ على ما كَثُر واطَّرَدَ في فَعِل.

  قال كراع: ماتَ يَمُوتُ، والأَصْلُ فيه مَوِتَ، بالكسر، يَمُوتُ؛ ونظيره: دِمْتَ تَدومُ، إِنما هو دَوِمَ، والاسم من كل ذلك المَيْتةُ.

  ورجل مَيِّتٌّ ومَيْتٌ؛ وقيل: المَيْتُ الذي ماتَ، والمَيِّتُ والمائِتُ: الذي لم يَمُتْ بَعْدُ.

  وحكى الجوهريُّ عن الفراء: يقال لمنْ لم يَمُتْ إِنه مائِتٌ عن قليل، ومَيِّتٌ، ولا يقولون لمن ماتَ: هذا مائِتٌ.

  قيل: وهذا خطأٌ، وإِنما مَيِّتٌ يصلح لِما قد ماتَ، ولِما سَيَمُوتُ؛ قال الله تعالى: إِنك مَيِّتٌ وإِنهم مَيِّتُونَ؛ وجمع بين اللغتين عَدِيُّ بنُ الرَّعْلاء، فقال:

  ليس مَن مات فاسْتراحَ بمَيْتٍ ... إِنما المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْياءِ

  إِنما المَيْتُ مَن يَعِيشُ شَقِيّاً ... كاسِفاً بالُه، قليلَ الرَّجاءِ

  فأُناسٌ يُمَصَّصُونَ ثِماداً ... وأُناسٌ حُلُوقُهمْ في الماءِ

  فجعلَ المَيْتَ كالمَيِّتِ.

  وقومٌ مَوتى وأَمواتٌ ومَيِّتُون ومَيْتون.

  وقال سيبويه: كان بابُه الجمع بالواو والنون، لأَن الهاء تدخل في أُنثاه كثيراً، لكنَّ فَيْعِلاً لمَّا طابَقَ فاعلاً في العِدَّة والحركة والسكون، كَسَّرُوه على ما قد يكسر عليه، فأُعِلَّ كشاهدٍ وأَشهاد.

  والقولُ في مَيْتٍ كالقول في مَيِّتٍ، لأَنه مخفف منه، والأُنثى مَيِّتة ومَيْتَة ومَيْتٌ، والجمع كالجمع.

  قال سيبويه: وافق المذكر، كما وافقه في بعض ما مَضى، قال: كأَنه كُسِّرَ مَيْتٌ.

  وفي التنزيل العزيز: لِنُحْيِيَ به بَلدةً مَيْتاً؛ قال الزجاج: قال مَيْتاً لأَن معنى البلدة والبلد واحد؛ وقد أَماتَه الله.

  التهذيب: قال أَهل التصريف مَيِّتٌ، كأَنَّ تصحيحَه مَيْوِتٌ على فَيْعِل، ثم أَدغموا الواو في الياء، قال: فَرُدَّ عليهم وقيل إِن كان كما قلتم، فينبغي أَن يكون مَيِّتٌ على فَعِّلٍ، فقالوا: قد علمنا أَن قياسه هذا، ولكنا تركنا فيه القياسَ مَخافَة الاشتباه، فرددناه إِلى لفظ فَيْعِلٍ، لأَن مَيِّت على لفظ فَيعِل.

  وقال آخرون: إِنما كان في الأَصل مَوْيِت، مثل سَيِّد سَوْيدٍ، فأَدغمنا الياء في الواو، ونقلناه فقلنا مُيِّتٌ.

  وقال بعضهم: قيل مَيْت، ولم يقولوا مَيِّتٌ، لأَن أَبنية ذوات العلة تخالف أَبنية السالم.

  وقال الزجاج: المَيْتُ المَيِّتُ بالتشديد، إِلَّا أَنه يخفف، يقال: مَيْتٌ ومَيِّتٌ، والمعنى واحد، ويستوي فيه المذكر والمؤَنث؛ قال تعالى: لنُحْييَ به بلدةً مَيْتاً، ولم يقل مَيْتةً؛ وقوله تعالى: ويأْتيه الموتُ من كلِّ مكان وما هو بمَيِّت؛ إِنما معناه، والله أَعلم، أَسباب الموت، إِذ لو جاءَه الموتُ نفسُه لماتَ به لا مَحالَة.

  وموتُ مائتٌ، كقولك ليلٌ لائلٌ؛ يؤْخذ له من لفظه ما يُؤَكَّدُ به.

  وفي الحديث: كان شِعارُنا يا مَنْصُورُ: أَمِتْ أَمِتْ،


(١) قوله [بني يا سيدة الخ] الذي في الصحاح بنيتي سيدة الخ. ولا نأمن الخ.