معجم مقاييس اللغة،

ابن فارس (المتوفى: 395 هـ)

باب العين والقاف وما يثلثهما في الثلاثي

صفحة 92 - الجزء 4

  لها ناهضٌ في الوكر قد مَهَّدت له ... كما مهَّدت للبَعْل حسناء عاقرُ⁣(⁣١)

  وذلك أنَّ العاقرَ أشدُّ تصنُّعا للزَّوج وأحفى به، لأنَّه [لا] وَلَدَ لها تدُلّ بها، ولا يَشغلُها عنه.

  ويقولون: لَقِحت الناقة عن عُقْر، أي بعد حِيال، كما يقال عن عُقْمٍ.

  وممّا حُمِل على هذا قولُهم لدِيةِ فَرْج المرأة عُقر، وذلك إذا غُصِبت. وهذا ممّا تستعمله العرب في تسمية الشئ باسم الشئ، إذا كانا متقارَبين. فسمِّىَ المهر عُقْراً، لأنَّه يُؤخذ بالعُقْر. وقولهم: «بيضة العُقْر» اسم لآخِر بيضةٍ تكون من الدَّجاجة فلا تبيضُ بعدها، فتضرب مثلًا لكل شئ لا يكون بعدَه شئٌ من جِنْسه.

  قال الخليل: سمعت أعرابياً من أهل الصَّمَّان يقول: كلُّ فُرْجةٍ بين شيئين فهو عَقْر وعُقر، ووضع يدَه على قائمتى المائدة ونحن نتغدَّى فقال: ما بينهما عُقر.

  ويقال النخلة تُعْقَر، أي يُقطع رأسها فلا يخرج من ساقها أبداً شئ. فذلك العَقْر، ونخلة عَقِرَة. ويقال كَلأُ عقار⁣(⁣٢)، أي يعقِر الإبلَ ويقتُلها.

  وأمّا قولهم: رفع عقيرتَه، إذا تغَنَّى أو قرأ، فهذا أيضاً من باب المجاورة، وذلك فيما يقال رجلٌ قُطِعت إحدى رجليه فرفَعَها ووضَعَها على الأُخرى وصَرَخ بأعلى صوته، ثمَّ قيل ذلك لكلِّ مَن رفع صوتَه. والعقيرة هي الرِّجل المعقورة، ولمَّا كان رفْعُ الصَّوت عندها سمِّى الصّوتُ بها.

  فأمّا قولُهم: ما رأيتُ عقيرةً كفلان، يراد الرَّجُل الشَّريف، فالأصل في


(١) في الأغانى والمزهر: «نهدت» في الموضعين.

(٢) يقال بتخفيف القاف وتشديدها، مع ضم العين فيهما.