باب العين والراء وما يثلثهما
  حَمْراءَ من مُعَرِّضاتٍ الغِرْبانْ(١)
  يصف ناقةً له عليها المِيرَة فهي تتقدَّم الإبل وينفتح ما عليها لسرعتها فتسقط الغربان على أحمالها، فكأنَّها عَرَّضت للغِربان مِيرثَهم(٢). ويقال للإبل التي تبعد آثارُها في الأرض: العُراضات، أي إنها تأخذ في الأرض عَرْضاً فَتِبين آثارُها.
  ويقولون: «إذا طلعت الشِّعرى سَفَراً، ولم تَرَ فيها مَطراً، فأرسل العُرَاضات أثَرا، يبغينك في الأرض مَعْمَرا(٣)».
  ويقال: ناقةٌ عُرْضَةٌ للسَّفر، أي قويّة عليه. ومعنى هذا أنّها لقوَّتها تُعْرَض أبداً للسَّفر. فأمَّا العارضة من النُّوق أو الشّاءِ، فإنها التي تُذبح لشئ يعتريها.
  وقال:
  من شواءٍ ليس مِن عارضةٍ ... بيدَىْ كلِّ هَضومٍ ذي نَفَلْ
  وهذا عندنا مما جُعِل فيه الفاعلُ مكانَ المفعول؛ لأنَّ العارضة هي التي عُرِض لها بمَرَضٍ، كما يقولون: سرٌّ كاتم. ومعنى عُرِض لها أنَّ المرض أعْرَضَها، وتوسَّعُوا في ذلك حتى بنوا الفِعل منسوباً إليها، فقالوا: عَرِضَتْ. قال الشَّاعر(٤):
(١) للأجلح بن قاسط، كما في اللسان (عرض). وقال ابن برى: «وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ». قلت: هما في أخرياته ص ١١٦ منسوبان إلى الجليح بن شميذ رفيق الشماخ.
وقد نسب في مشارف الأقاويز ٢٠٩ إلى الجعيل. وأنشده في الحيوان (٣: ٤٢٠) والمخصص (٤: ١٧/ ٧: ١٣٧). وقبله:
يقدمها كل علاة عليان.
(٢) في الأصل: «فميرتهم».
(٣) السجع برواية أخرى في المقاييس (أمر) ومجالس ثعلب ٥٥٨.
(٤) هو خمام بن زيد مناة اليربوعي، كما في اللسان (جبب). وأنشد البيت في اللسان (عرض، وشق) بدون نسبة.