باب القول في حد الزاني
  فأوجب على الزانيين مائة جلدة إذا كانا حرين بالغين، وشهد عليهما بذلك أربعة عدول من المسلمين، وأثبتوا الشهادة عند الإمام بالإخراج والإيلاج، وثبتت عند الحاكم معرفة صحت عقولهما، فحينئذ يجلد كل واحد منهما مائة جلدة كما أمر الله سبحانه.
  وأما قوله: {وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ}[النور: ٢]، فالرأفة هي: الرحمة، والرقة، والتهوين(١) في أمرهما، والرفق بجلدهما إذا كانا مطيقين للإيجاع.
  وأما الطائفة التي أمر الله بشهودها: فهي الجماعة من المؤمنين تكثر حيناً وتقل حيناً. وقد قيل: إن أقل الطائفة ستة: الإمام والشهود الأربعة والجلاد، فأما البكران فلا يزادان على مائة جلدة كل واحد.
  وأما الثيبان فقد صح عن رسول الله ÷ أنه أمر برجمهما، فلم تختلف الرواة في الرجم أنه رجم ماعز بن مالك الأسلمي، وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # رجم شراحة الهمدانية، ولم يزل الرجم ثابتاً بعد رسول الله ÷ لا يختلف فيه اثنان، ولا يناظر فيه متناظران، ورجم عمر بن الخطاب في وفارة أصحاب رسول الله ÷ وكثرتهم، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذ ذاك فيهم، فما أنكر أحد عليه ذلك، وكان أمير المؤمنين # يضرب، ثم يرجم، ويقول: (الضرب في كتاب الله، والرجم جاء به رسول الله ÷ عن الله).
  ومن أعظم الحجج في إيجاب الرجم أن رسول الله ÷ رجم وأمر بالرجم، وهو القدوة # والأسوة، وقد قال الله ø {لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ}[الأحزاب: ٢١].
  وقال: {أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ}، وقال سبحانه: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧}[الحشر]. انتهى.
(١) في الأحكام المطبوع: التوهين.