الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في القصاص

صفحة 180 - الجزء 3

  والقصاص، على ما ذكر في كتابه فيما يقتل من القتلى، أو يستأصل من الأعضاء، وكذلك حكم بالقصاص بين الجرحى.

  ثم قال تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ}⁣[النساء: ٩٢]، فجعل سبحانه في قتل الخطأ تحرير رقبة مؤمنة على قاتل النفس، ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا، والصدقة هاهنا فهي: الهبة له، والصفح عن خطيئته، والإعراض عن أخذ⁣(⁣١) الدية من عاقلته.

  ثم قال - جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله -: {فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ}⁣[النساء: ٩٢]، فلم يجعل في المؤمن الساكن بين المشركين دية، وهو: أن يكون الرجل يسلم وهو في قومه لا يُعلم بإسلامه، وهو يكتمه، فيلقاه المسلمون بناحية من الأرض فيقتلونه وهم يظنون أنه على ما كان عليه من شركه، ثم يعلمون بعد ذلك بإسلامه، فهذا الذي جعل الله فيه الكفارة، ولم يجعل فيه الدية؛ لأن المسلمين ورثته دون مناسبيه من المشركين، وهم الذين يعقلون عنه⁣(⁣٢) لو كان جنى جناية، فجعلهم الله أولى بديته إذ⁣(⁣٣) كانوا العاقلين عنه دون قرابته من غير أهل دينه.

  ثم قال سبحانه: {وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٩٢}⁣[النساء]، فجعل فيمن كان بينهم وبينه ميثاق من المشركين دية، وذلك لما بينهم من العهد والميثاق، فسلمت إليهم دية لما بينهم من عهد الله وميثاقه، وجعل فيه سبحانه الكفارة؛ لأنه مؤمن، ثم جعل


(١) في الأصل: إخراج. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.

(٢) في الأصل: له عنه. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.

(٣) في الأصل: إذا. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.