الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في القصاص

صفحة 181 - الجزء 3

  على من لم يجد رقبة مؤمنة صيام شهرين متتابعين.

  لا يفصل بينهما إلا من علة عظيمة فيفصل بينهما، ثم يبني على ما كان من صيامه عند خروجه من علته وطاقته لصيام⁣(⁣١) كفارته.

  قال يحيى بن الحسين ~: فلم يزل المسلمون على ذلك حتى أنزل الله تبارك وتعالى: {بَرَآءَةٞ} فنقضت العهد الذي كان بينهم وبين المشركين، ونبذ إليهم رسول الله ÷ عهدهم، وآذنهم بما أمره الله به من محاربتهم، وكان أول نبذ العهود إلى المشركين من قريش خاصة؛ لأنهم كانوا أصحاب العهد والهدنة، ثم استثنى تبارك وتعالى فقال: {إِلَّا ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٌ}⁣[النساء: ٨٩].

  فنزلت هذه الآية في هلال بن عويمر، كان بينه وبين النبي ÷ عهد، ولم يكن هلال نقض ما بينه وبين النبي ÷، فكان مشركو قريش يخرجون من مكة فيأتون هلالاً، وكان أصحاب رسول الله ÷ يريدون قتل من يأتي هلالاً [من المشركين]⁣(⁣٢)، فمنعهم رسول الله ÷ بما ذكر من قوله: {إِلَّا ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٌ}⁣[النساء: ٨٩]، فلما أكمل الله نعمته على المسلمين، وأعز بنصره خاتم النبيئين، نسخ هاتين الآيتين، ونسخ كل عهد كان بينه وبين المشركين فقال: {فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥}⁣[التوبة]، فأمر المسلمين سبحانه بالقتل للمشركين حيث وجدوهم، وأن يقعدوا لهم كل مرصد، وأن لا يستبقوا من المشركين أحداً إلا من تاب عن خطيئته، ورجع إلى الله من سيئته.

  ثم قال ø تحذيراً للمؤمنين، وتأكيداً منه عليهم في التحفظ إذا


(١) في الأصل: من صيام. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.

(٢) زيادة من الأحكام المطبوع.