الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

الباب الأول في ذكر بعض مناقب الإمام علي بن أبي طالب # وفضائله

صفحة 18 - الجزء 4

  وهلا قبلتم من نبيكم، كيف! وهو يخبركم بانتكاصكم، وينهاكم عن صدكم عن خلاف وصيه، أمينه، ووزيره، أخيه ووليه، أطهركم قلبا، وأعلمكم علماً، وأقدمكم إسلاماً، وأعظمكم عناء عن رسول الله ÷، أعطاه تراثه، وأوصاه بعدته، واستخلفه على أمته، ووضع سره عنده، فهو وليه دونكم أجمعين، وأحق به منكم أكتعين، شهيد الصديقين، وأفضل المتقين، وأطوع الأمة لرب العالمين، فسلموا عليه بخلافة المؤمنين في حياة سيد المسلمين، وخاتم المرسلين، قد أعذر من أنذر، وأدى النصيحة من وعظ، وبصر من عمي وتعامى وردي، فقد سمعتم كما سمعنا، ورأيتم كما رأينا، وشهدتم كما شهدنا.

  فقام عبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل فقالوا: اقعد يا أبي، أصابك ألم أو أصابتك جُنّة، فقال: بل الخبل فيكم، كنت عند رسول الله ÷ فألقى بكلام رجلٌ، أسمع كلامه ولا أرى وجهه قال فيما يخاطبه: يا محمد، ما أنصحه لك ولأمتك، وأعلمه بسنتك! فقال رسول الله ÷: «أفترى أمتي تنقاد له بعد وفاتي؟» فقال: يا محمد، يتبعه من أمتك أبرارها، ويخالف عليه من أمتك فجارها، وكذلك أوصياء النبيئين من قبل، يا محمد، إن موسى ابن عمران أوصى إلى يوشع بن نون فكان أعلم بني إسرائيل، وأخوفهم لله، وأطوعهم له، فأمره الله أن يتخذه وصياً، كما اتخذت علياً وصياً، وكما أمرت بذلك، فحسد⁣(⁣١) بنو إسرائيل سبطُ موسى خاصة، فغلبوه وعنفوه وشتموه، ووضعوا أمره، فإن أخذت أمتك بسنن بني إسرائيل كذبوا وصيك، وجحدوا أمره، وابتزوا خلافته، وغالطوه في علمه، فقلت: يا رسول


(١) في المناقب المطبوع: فحسده. ولعلّها الصواب.