بداية الكتاب
  العترة العلماء الأتقياء المتمسكين بالكتاب والسنة، الذين دل عليهم رسول الله ÷، وأخبر أن الهدى فيهم، وأن رسول الله ÷ قد أخبرنا أن الهدى في التمسك بالكتاب، وبمن تمسك بالكتاب من العترة، فهذا موضع الحق والهدى وبه تقوى الحجج في كل ما اختلف الناس فيه، وذلك أن أهل الإسلام أجمعوا على التصديق بالله، والتصديق بالنبي ÷، والتصديق بالكتاب الذي جاء به من عند الله؛ بإجماع الأمة بالأخبار المشهورة عن غير تواطؤ.
  وقال الحسن في وقت آخر: المخرج من الاختلاف في الحلال والحرام اتباع المحكم المنصوص عليه من كتاب الله، والأخذ بالأخبار المشهورة المتسق بها الخبر عن غير تواطئ عن رسول الله ÷، أو عن علي، أو عن خيار العترة الموافقة للمحكم من كتاب الله، أو اتِّباع الأبرار الأتقياء الأخيار من عترة رسول الله ÷ فهذه الحجج الواجبة على المسلمين.
  وقال الحسن: فيما اجتمعت الأمة من الفرائض فإن إجماعهم هو الحجة على اختلافهم؛ لأن النبي ÷ قال: «ما كان الله ليجمع أمتي على ضلالة».
  وأما ما اختلفوا فيه من حلال أو حرام، أو حكم أو سنة، فدلالة رسول الله ÷ في ذلك قائمة بقوله: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض»، فهذا موضع الحجة منه عليهم، وهذا خبر مشهور تلقته الأمة عن غير تواطؤ، فأبرار آل رسول الله ÷ رؤساء الأمة وقادتها وسادتها، الذين قال رسول الله ÷: إن الهدى في التمسك بهم، وإنما هذا خاص (بهم)(١) دون غيرهم الذين أورثوا الكتاب، وأمر برد الأمور إليهم فقال: {فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣}[النحل]. انتهى.
  وفي الجامع الكافي أيضاً: قال محمد: سمعت أبا الطاهر أحمد بن عيسى يقول:
(١) ما بين القوسين مظنن عليه في الأصل. ولفظ زيادات الجامع الكافي المطبوع: وإنما هذا خاص لهم دون غيرهم.