أمالي الإمام أحمد بن عيسى،

محمد بن منصور المرادي (المتوفى: 290 هـ)

بداية علم الحديث عند الزيدية

صفحة 22 - الجزء 1

  موجبات ثبات المحبة بين الأحباب - إذ رأيتها خاوية الوطاب من النقل عن أهل البيت الطاهر، ومن الرجوع إلى أحد من أئمتهم الأكابر، في تعديل العدل وجرح الفاجر. بل رأيت فيها جرح بعضهم لبعض الأئمة الطاهرين، بما لا يسوغ الجرح به عند المنصفين، أو بما يحتملون ما هو أشد منه بمراتب للخوارج والنواصب المبعدين!

  رأيتهم إذا ترجموا لسادات أهل البيت أو لمن تعلق بهم اختزلوا الترجمة غالباً وأوجزوا، وإذا ترجموا لأضدادهم أو لأذناب أعدائهم أطالوا ولعذرهم أبرزوا. ومن المعلوم ما يوهمه الاختزال، وما يُفْهَم مِن الإسهاب والاسترسال! رأيت فيها توثيقهم الناصبي غالبا، وتوهينهم الشيعي مطلقا، ورأيت ورأيت ...

  لَقَدْ رَابَني من عامر أنّ عامراً ... بعينِ الرضا يَرْنُوا إلى من جَفَانيا

  يجيءُ فَيُبْدِي الودّ والنّصحَ غادياً ... ويُمْسِي لحسّادي خليلاً مُوَاخِيا

  فيا ليتَ ذاكَ الودّ والنصح لم يكن ... ويا ليته كانَ الخَصِيمَ المعَادِيا

  فهالني هذا الصنيع، وأفظعني ذلك الحكم، واستغربته كلّ الاستغراب، وقلت إن هذا هو التباب» اهـ كلامه.

  لذلك فمن المطاعن التي يطعنون بها على أهل البيت النبوي الطاهر $ وشيعتهم الكرام رضوان الله عليهم أنهم يروون عن المجروحين، ولم يدْرِ هؤلاء الطاعنون أنه ربّ جرح أفضل من تعديل! فجرح أعوان السلاطين لرجل بأنه كان مناوئاً للظالمين، أو محباً لأهل البيت المطهرين، أو أنه روى حديثاً في حب أهل البيت، هذا الجرح تعتبره الزيدية تعديلاً، وترى تعديل هؤلاء القوم لرجل بأنه كان صاحب سنة! أو شديداً في السنة! وما أدراك ما السنة؟! ترى ذلك جرحاً بنصّ الرسول الكريم ÷.

  وقد يُطعن على الزيدية بعدم الإسناد، أو الرواية عن المجاهيل، وهذه مطاعن باطلة؛ فلأهل البيت طرق يسندونها من عصرنا الحاضر يرويها سلفهم