أمالي الإمام أحمد بن عيسى،

محمد بن منصور المرادي (المتوفى: 290 هـ)

بداية علم الحديث عند الزيدية

صفحة 25 - الجزء 1

  ما قبل التدوين - غلب على ظنّه أنهم إنما كانوا يقولون في الحادثة: قال رسول الله ÷، ولا يحتاج المتلقِّي أن يقول: اذكر لي إسنادك إلى رسول الله ÷، أو يحتاج القائل أن يقول: حدثني فلان، أخبرني علان، أن فلان قال: حدثني رسول الله ÷، وكذلك الصحابة كانوا ينقلون الشريعة لبعضهم البعض ولمن بعدهم ولا يسأل أحدهم الآخر: أأنت سمعته عن رسول الله ÷؟ أو يسأله المتلقِّي: أأنتَ سمعته عن رسول الله ÷؟ إلا إذا شكّ الراوي في الشخص أو في سماعه أو ... إلخ ما يثير الشك، فقد ورد أن علياً # كان يحلِّف الرواة فيما هذا حاله.

  ومصداقاً لكلامنا هذا ما نقله الفريابي في الفوائد برقم (٣٤): عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ سَمِعْنَاهُ مِنْهُ، مِنْهُ مَا سَمِعْنَاهُ، وَمِنْهُ مَا حَدَّثَنَا عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَنَحْنُ لَا نُكَذِّبُ». اهـ.

  وذكر في جامعه الرجال والعلل في ترجمة البراء بن عازب رقم (٩٤٢): وقال عبدالله بن أَحمد: حدثني أَبي، قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: «ما كلّ الحديث سمعناه من رسول الله ÷ إنما كان أصحابنا يحدّثوننا عنه، وكانت تشغلنا رعية الإبل». (العلل ومعرفة الرجال/ ٣٦٧٦).اهـ

  وقد قَبِلَ الكثير من المحدّثين مرسل الصحابي؛ محتجّين بأن الصحابة عدول؛ فجعلوا العدالة مدار قبول المرسل؛ فلنا أن نحتجّ بذلك في قبول مرسل العدل من غيرهم، ما دام المدار على العدالة؛ فأينما وجدت وجد، وإلا كان تحكّماً.

  قال ابن المواق في (بغية النقاد النقلة) في سياق نقله عن ابن الصلاح ما لفظه: «ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي، مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله ÷ ولم يسمعوه منه؛ لأن ذلك في حكم الموصول المسند؛ لأنّ روايتهم عن الصحابة،