بداية علم الحديث عند الزيدية
  والجهالة بالصحابي غير قادحة، لأن الصحابة كلّهم عدول».
  وقال صاحب محاسن الاصطلاح: «حكى بعضهم الإجماع على قبول مراسيل الصحابة، ولكن الخلاف ثابت، ذكره بعض الأصوليين عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وحكى بعض المحدثين فيه الخلاف؛ لاحتمال تلقّيهم عن بعض التابعين، وللخطيب أبي بكر تصنيف في الصحابة الذين رووا عن التابعين، بلغ عددهم ثلاثة وعشرين صحابياً، والمراد أن غالب رواية الصحابة إنما هو عن صحابي مثله».
  وذهب النووي في التقريب إلى أن مرسل الصحابي محكوم بصحته على المذهب الصحيح.
  وزاد السيوطي ذلك شرحاً أنه الذي قطع به الجمهور من أصحابنا وغيرهم، وأطبق عليه المحدّثون المشترطون للصحيح، القائلون بضعف المرسل، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى؛ لأن أكثر رواياتهم عن الصحابة وكلّهم عدول، ورواياتهم عن غيرهم نادرة، وإذا رووها بيّنوها.
  قال الزركشي: «قال الحافظ أبو علي الغساني: ليس يعد مرسل الصحابي مرسلاً؛ فقد كان يأخذ بعضهم عن بعض ويروي بعضهم عن بعض، وقال: كان لعمر بن الخطاب جار من الأنصار يتناوب معه النزول إلى رسول الله ÷ ينزل هو يوماً والآخر يوماً، قال: فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره. وقال البراء: ما كلّ ما نحدثكم به عن رسول الله ÷ سمعناه من رسول الله ÷، ولكن سمعناه وحدّثنا أصحابنا، وكنا لا نكذب.
  وقال ابن طاهر في كتاب اليواقيت: كان من مذهب الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه إذا صح عندهم أن رسول الله ÷ ذكر حديثاً رووه عنه من غير أن تذكر الواسطة بينهم، فقد روى أبو هريرة وابن عباس قصة: {وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤}[الشعراء]، وهذه القصة كانت بمكة في بدء الإسلام لم يحضرها