باب في حد الزاني
  فرمى بيده اليمنى، ثم رمى بيده اليسرى، ثم رمى الناس.
  [ج ٢ ص ٢٢٥] وبلغنا عن رسول الله ÷ أنه لما جاءه ماعز بن مالك الأسلمي، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فقال: إني زنيت، فأعرض عنه، فقال: إني زنيت، فأعرض عنه، فقال: إني زنيت، فأقبل عليه، فقال: «أتيتها» فقال: نعم، فقال: «حتى غاب ذلك منك في ذلك منها كما يغيب الميل في المكحلة، والرشا في البئر» فقال: نعم، فقال: «وهل تدري ما الزنا» قال: نعم أتيتها حراماً كما يأتي الرجل أهله حلالاً، قال: «فما تريد بقولك» قال: أريد أن تطهرني يا رسول الله، فأمر به فرجم، فمرّ برجلين، فقال أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم مرجم الكلب، قال: فسكت عنهما رسول ÷ حتى مر بجيفة حمار، فقال لهما رسول الله ÷: «انزلا، فأصيبا من هذه الجيفة» فقالا: غفر الله لك يارسول الله أنأكل من هذه الجيفة! فقال: «ما أصبتما من أخيكما آنفاً أعظم من إصابتكما من هذه الجيفة، إنه الآن لفي أنهار الجنة يتقمص فيها».
  وفيها [ج ٢ ص ٢١٧]: قال #: ومن الدليل على أن الرجم حكم من الله قديم على المحصنين ما أخبر الله نبيه عن اليهود، وتبديلها له، وطرحها إياه من التوراة، وتحريفها لحكم الله وذلك قوله سبحانه: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}[النساء: ٤٦] يريد يحرفون مافي التوارة من حكم الرجم، وهذه الآية نزلت فيما كان من أمر بشرة اليهودية، وذلك أن الله ø أنزل على موسى بن عمران الرجم في الزاني المحصن، فغيرت ذلك اليهود، فجعلوه الجلد أن يجلد أربعين جلدة بحبل مقير، ويسودون وجهه، ويحملونه على حمار، ويجعلون وجهه إلى ذنب الحمار، فلم يزالوا على ذلك حتى هاجر النبي ÷ إلى المدينة، فزنت امرأة من اليهود يقال لها: بشرة برجل من اليهود، فأراد اليهود جلدها، ثم خافوا من النبي ÷ أن يفضحهم لما غيروا من التوراة، فقال الأحبار للسفلة منهم: انطلقوا إلى محمد، فاسألوه عن حد الزاني، فإن قال: اجلدوه، فاقبلوا ذلك منه، وإن أمركم بالرجم فأنكروا ذلك، ولا تقروا به، ولا تقبلوه، فأتوا النبي ÷، فسألوه، فقال: «الرجم إن كان محصناً» فقالوا: إن موسى أمر أن يجلد إن كان محصناً، فقال لهم النبي ÷: «كذبتم بل أمركم