المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

باب في حد الزاني

صفحة 456 - الجزء 1

  بالرجم ورجم»، فقالوا: كلا، فقال: «فاجعلوا بيني وبينكم حكماً» فقالوا: اختر من أحببت، فجاء جبريل، فقال له: اجعل فيما بينك وبينهم رجلاً من أهل خيبر أعور شاباً طويلاً يقال له: عبدالله بن صوريا، فدعاهم النبي ÷، فقال: «هل تعرفون رجلاً من أهل فدك، فنعت لهم نعته» فقالوا: نعم، فقال: «كيف علمه فيكم بالتوراة؟» فقالوا: ذاك أعلمنا بالتوراة، فقال: «ذاك بيننا وبينكم» فرضوا بذلك، فأرسلوا عليه، فدخل على رسول الله ÷ مع اليهود، فقال له النبي ÷: «أنت ابن صوريا؟» فقال: نعم، فقال: «أنت أعلم اليهود بالتوراة؟» فقال: نعم كذلك يقولون، فقال النبي ÷: «أنشدك بالله الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى الذي أغرق آل فرعون وأنتم تنظرون، ما أنزل الله على موسى في الزاني؟» قال: فارتعدت فرائصه، فقال: الرجم، فوقعت به اليهود، وقالوا: لِمَ أخبرته؟ فقال: لقد أستحلفني بيمين لو لم أخبره عما سألني لأحرقتني التوراة، فقالت اليهود: إن ابن صوريا كاذب ليس ذلك في التوراة، فقال عبدالله بن سلام للنبي ÷: أجعل بينك، وبينهم التوراة، فإنه فيها مكتوب، فقال لهم النبي ÷: «بيني وبينكم التوراة» فقالوا: نعم؛ فركب النبي ÷ إلى بيت المدارس على حمار، ومضى معه أصحابه، فقال لهم النبي ÷: «لاتبدؤوا اليهود بالسلام، فإذا سلموا، فقولوا: وعليكم مثله».

  فأتى النبي ÷ إلى بيت المدارس، فدخل، وقال: «ائتوا بالتوراة» فجاءوا بها، وكان الذي يقوم عليها جدي بن أخطب، وليس بحيي بن أخطب، وجلس معه عبدالله بن سلام، فقال له: أقرأ في سفر الحدود، فلما بلغ الرجم وضع إبهامه على ذلك الحرف، فقال له عبدالله بن سلام: ارفع يدك، فرفعها فقال: اقراه، فقرأ الرجم في التوراة مبيناً من الله .

  قال #: أما قول الله ø: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}⁣[المائدة: ٤٢] فإنها آية منسوخة، نسخها قول الله ø: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}⁣[المائدة: ٤٩] فوجب الحكم بين أهل الكتاب، وعليهم بما أنزل الله في الكتاب من الأحكام، فأمر رسول الله ÷ لما نزلت عليه هذه الآية باليهوديين الزانيين فرجما.