باب في الإمام الذي تجب طاعته ونصرته
  وفي الجامع الكافي [ج ٢ ص ٤٤]: قال أحمد بن عيسى: فيما حدَّثنا علي بن محمد، عن محمد بن هارون، عن سعدان بن محمد، عن محمد بن منصور، قال: قلت لأحمد بن عيسى # تخاف علي من هذا الأمر شيئاً إن أدركني الموت على هذا يعني تركنا الجهاد؟ قال: لا، إذا كنت مرصداً.
  وسمعت رجلاً يناظره في جلوسه عن هذا الأمر، فكان من حجته أن قال: أليس قد صبر علي ~ على الجور حتى وجد القوة، قيل له: على أي جور صبر؟ قال: على عثمان.
  وقال أحمد: فيما حدَّثنا علي بن محمد بن الحسين الهمداني، قال: حدَّثنا علي بن أحمد بن حاتم، قال: حدَّثنا محمد بن سندان(١)، قال: حدَّثنا محمد بن جبلة، عن أحمد بن عيسى، قال: قال الله ø في ابتلاء الناس بالطاعة، والمعصية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] فجعل الطاعة فريضة، وصل بها طاعة ولاة أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسول الله ÷ بطاعته، فولاة الأمر: هم القوامون بدين الله في خلقه، الذابون عن حرم الله وخلقه، الداعون إليه من أدبر عنه، اصطفاهم لذلك، فرضيهم له، وشرفهم بذلك، وكرمهم به، إذ جعل طاعتهم فريضة من فرائضه، ومعصيتهم مقرونة بمعصيته، ثم أخلصهم بالتطهير، فأختصهم بالتخيير، وقدمهم في النعمة، وفضلهم بالتكرمة، واصطفاهم بالأمانة التي هي أعظم الدرجات بعد النبوءة، وفرض عليهم القيام بالكتاب والسنة، وفرض لهم على العباد حقوقاً اختصّهم بها، وجعل هذه الحقوق موصلة بحقه، مطوقة على جميع خلقه، ثم ضاعف لهم الثواب، وضاعف عليهم العقاب بقدر من ولوا، وما ولوا من أمر العباد، فعظمت الخطوب في تضاعف الحساب، والذنوب، وذلك أن المخصوص بالنعمة، المقدم بالتكرمة متظاهرة عليه الحجة، وإن كانت لكل أحد لازمة، ليس للإمام أن ينتقص الرعية حقها، ولا للرعية أن تنتقص حق إمامها، فإن خالف كتاب الله، وسنة رسوله ÷، ولم يعدل بينهم، وبسط عليهم بالجبرية، والتكبُّر عليهم، فمنعهم حقوقهم، واستأثر عليهم بفيهم، وأظهر الفساد، والمنكر، فلا طاعة له عليهم في معصية خالقهم، وحرمت عليه
(١) (ونخ): محمد بن مروان.