فصل فيما تثبت به الإمامة، ولمن تكون في دعوة جماعة متفرقين في وقت واحد
  وفي مجموع زيد # [ص ٣٦٢]: عن آبائه، عن علي $، قال: (حقٌ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يعدل في الرعية، فإذا فعل ذلك فحق عليهم أن يسمعوا(١)، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا وأيما إمام لم يحكم بما أنزل الله فلا طاعة له).
فصل فيما تثبت به الإمامة، ولمن تكون في دعوة جماعة متفرِّقين في وقت واحد
  قال الهادي # في الأحكام [ج ٢ ص ٤٦٠]: تثبت الإمامة للإمام، وتجب له على جميع الأنام بتثبيت الله له فيه، وجعله إياها له، وذلك فإنما يكون من الله إليه إذا كانت الشروط المتقدمة التي ذكرناها فيه، فمن كان من أولئك كذلك فقد حكم الله له بذلك، رضي بذلك الخلق، أم سخطوا.
  قال [ج ٢ ص ٤٦٠]: وليس تثبت الإمامة بالناس للإمام كما يقول أهل الجهل من الأنام أن الإمامة بزعمهم إنما تثبت للإمام برضى بعضهم، وهذا فأحول المحال، وأسمج ما يقال به من المقال، بل الإمامة تثبت بتثبيت الرحمن لمن ثبَّتها فيه، وحكم بها له من الإنسان، رضا المخلوقون، أم سخطوا، شاءوا ذلك وأرادوه أم كرهوا، فمن ثبَّت الله له الإمامة وجبت له على الأمة الطاعة، ومن لم يثبت الله له ولاية على المسلمين كان مأثوماً معاقباً، ومن اتبعه على ذلك من العالمين، لأنه اتبع من لم يجعل الله له حقاً، وعقد لمن لم يعقد الله له عقداً، والأمر والاختيار فمردود في ذلك إلى الرحمن، وليس من الاختيار في ذلك شيء إلى الإنسان، كما قال الله سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}[القصص] ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ٣٦}[الأحزاب: ٣٦] صدق الله سبحانه، لقد ضل من اختار سوى خيرته، وقضى بخلاف قضائه، وحكم بضد حكمه، فالحكم لله سبحانه، فمن رضي رضيناه، ومن ولى علينا سبحانه أطعناه، ومن نحَّاه عنا ﷻ نحيناه، وقد بين لنا سبحانه من حكم له بالتولية على الأمة، ومن صرفه عن الأمر والنهي عن الرعية،
(١) له (نخ).