فصل فيما تثبت به الإمامة، ولمن تكون في دعوة جماعة متفرقين في وقت واحد
  فجعل خلفاءه الراشدين، وأمناءه المؤمنين من كان من أهل صفوته، وخيرته المؤتمنين على ما ذكرنا ووصفنا من الصفة التي بينا ووصفنا بها الإمام، وشرحنا، وأَخْبَرنا أن من كان على خلاف ذلك منهم فإنه لا يكون بحكم الله إماماً عليهم، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥}[يونس] فنهاهم عن الحكم لمن قصر عن الهداية إلى الحق بالولاية العظمى، وحكم بها سبحانه لمن كان من عباده هادياً إلى الحق، والتقى من صفوته، وموضع خيرته الذين اختارهم بعلمه، وفضلهم على جميع خلقه، وجعلهم الورثة للكتاب المبين، الحكام فيه بحكم رب العالمين، ختم بهم الرسل، وجعل ملتهم خير الملل، فهم آل الرسول ÷، وأبناؤه، وثمرة قلبه، وأحباؤه، وخلفاء الله، وأولياؤه، وفي ذلك ما يقول الله ﷻ عن أن يحويه قول أو يناله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}[فاطر] فجعل سابقهم هو الآمر فيهم، والحاكم عليهم، وعلى غيرهم من جميع المسلمين، وغيرهم من جميع عباد رب العالمين.
  حدَّثني أبي، عن أبيه أنه سئل: هل تثبت الإمامة للإمام بغير رضا من المسلمين، وبغير عقد متقدم باثنين، ولا أكثر؟ فقال: اعلم هداك الله أن الإمامة إنما تثبتت لمن تثبت له بالله وحده، وبما جعلها تجب به من كمال الكامل المطيق لها بالعلم غير الجاهل، فمن كان في العلم كاملاً، ولم يكن بما يحتاج فيه إليه من الدين جاهلاً، فإن على المسلمين العقد له، والرضا به، لا يجوز لهم غير ذلك، ولا يسعهم إلا أن يكونوا كذلك.
  وفي الجامع الكافي [ج ٦ ص ٥٠]: قال محمد: سألت أحمد بن عيسى # عن الدعوة هل إلى الرضى من آل محمد؟ فقال: نعم، الدعوة إلى الرضى، ثم قال: الذي يقوم هو الرضى، ولكنها دعوة جامعة.
  وذكر عن عبدالله بن موسى، عن زيد بن علي $: وعن جماعة ممن قام من أهل بيته أنهم دعوا إلى الرضى من آل محمد ÷، وقال القاسم: إن كان الرضى معلوماً فدعا عن أمره، وإلا دعا إلى نفسه إذا كان موضعاً لذلك.