شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 276 - الجزء 2

  النقل إلى النحر، فصح أيضاً بهذا ما ذكرناه من التعارض.

  فإن قيل: فالأخبار متفقة على وجوب الرقبة.

  قيل له: لا خلاف بيننا وبين الفقهاء في أن وجوب الرقبة على من قدر⁣(⁣١) عليها كوجوب الصيام على من لم يقدر على الرقبة وقدر على الصيام؛ لأن من مذهبهم إثبات وجوبهما، ومن مذهبنا نفيه، فإذا سقط وجوب الصيام لتعارض الأخبار سقط وجوب الرقبة؛ لأنه كوجوب الصيام. على أنه قد روي الصدقة بغير ذكر الرقبة ولا البدنة.

  أخبرنا بذلك أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، عن علي بن شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن عائشة، أن رجلاً أتى النبي ÷ وذكر أنه احترق، فسأله عن أمره فقال: وقعت على امرأتي في رمضان. فأتي النبي ÷ بمكتل يدعى العرق وفيه تمر، فقال: «أين المحترق»؟ [فقام الرجل فـ] قال: «تصدق بهذا»⁣(⁣٢).

  فكل ذلك يكشف حصول التعارض والتنافي في الموجب.

  فإن قيل: فقد أجمعوا على ترك الخبر الذي فيه الانتقال عن العتق إلى البدنة، وترك الخبر الذي يوجب الاقتصار على الصدقة.

  قيل له: ليس الأمر على ما ذكرت، فقد روي عن الحسن أنه كان يأخذ بالخبر الذي فيه العدول إلى البدنة.

  وذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار أن قوماً قالوا: لا يجب من الكفارة غير الصدقة، وأخذوا بالخبر الذي رويناه أخيراً، ونحن لا نسقط شيئاً من هذه الأخبار، ونحملها على الاستحباب؛ لما بيناه من امتناع حصول الوجوب،


(١) في (د): يقدر.

(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٥٩).