شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 278 - الجزء 2

  هشيم، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، أن النبي ÷ أمر الذي أفطر في رمضان بكفارة الظهار.

  فدل ذلك على أن الكفارة كانت للظهار، وأن الرجل كان مظاهراً؛ إذ لا يؤمر بكفارة الظهار إلا المظاهر، وفيه دلالة على أن الكفارة لا تجب بإفساد الصوم، ولو وجبت لأمر بكفارة أخرى ولم يقتصر على كفارة واحدة التي كانت للظهار.

  فإن قيل: ففي الحديث على أن الكفارة وجبت للوقوع على أهله.

  قيل له: لسنا ننكر ذلك، وإنما الخلاف [هل⁣(⁣١)] أنه كان هتك حرمة الصوم بالوقوع على أهله، أو لأنه حنث فيما ألزم نفسه بالظهار بوقوعه على أهله، وإذ قد روي ذلك فما ذهبنا إليه أولى؛ لأنا لا نخرجه من أن يكون وطئاً صادف رمضان، وعلى ما تذهبون إليه منعتم أن يكون وطئاً صادف الظهار، وقد روي ذلك.

  وأيضاً ليس يخلو ما روي من الكفارة إن لم تكن للظهار من أن يكون على طريق الاستحباب أو طريق القضاء أو طريق الكفارة، ولا يجوز أن يكون على طريق القضاء؛ إذ القضاء هو يوم مكان يوم بالإجماع، ولا يجوز أن يكون على سبيل الكفارة؛ لما روى أبو هريرة - وقد مضى إسناده - عن النبي ÷: «من أفطر يوماً من شهر رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر»، فإذا بطل الوجهان ثبت الثالث، وهو ما ذكرنا من الاستحباب.

  وأيضاً ما قالوا ليس يخلو من أن يكون موجب الإفطار أو موجب الهتك، فلا يجوز أن يكون موجب الإفطار؛ إذ لا خلاف أن المعذور بالإفطار لا يلزمه ذلك، ولا يجوز أن يكون موجب الهتك على مذهب الجميع؛ لأن أبا حنيفة لا يوجبه لو هتك بابتلاع الحجر وما أشبهه، أو بإتيان البهيمة، أو بإتيان بني آدم فيما دون الفرجين، والشافعي لا يوجبه لو هتك بالأكل والإنزال باللمس، ومالك لا


(١) ما بين المعقوفين من (د).