كتاب الصوم
  المواضع، كالنية فيما هي شرط في صحته، على أن الحسن ومالكاً يوافقان في الإنزال بالنظر، والخلاف فيه بيننا وبين أبي حنيفة والشافعي.
  ويؤكد علتنا للنظر ما روي عن النبي ÷: «العينان تزنيان واليدان تزنيان، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج»(١). فنبه على أن حكم العينين حكم اليدين في استدعاء الشهوة.
  فإن قال من خالف في الإنزال عن النظر: إن العلة في القبلة واللمس وإتيان ما دون الفرجين أنه استدعاء الإنزال بالمباشرة.
  قيل له: علتكم لا تنافي علتنا، فنقول بهما، وتكون علتنا أعم وأرجح؛ لأن اختيار السبب مراعى عندهم؛ لأنه لو وقع ذلك في النوم لم يفسد صومه.
  ووجه قولنا: إن القضاء مستحب في المذي ما روي من نهي النبي ÷ الشاب عن القبلة، والأغلب في الشاب أنه إذا قبل أمذى، فأما الإمناء فهو نادر، فلولا أن للمذي تأثيراً ما في الصوم لم ينهه ÷ من غير تقييد بالأمر النادر، وهو الإمناء.
  فإن قيل: فمن الجائز ألا يمذي، ومع ذلك فلم يقيده بالمذي.
  قيل له: الأغلب من حال الشاب أنه يمذي، فكان العرف الغالب مغنياً عن التقييد.
  وأيضاً وجدنا العبادات التي [يؤثر فيها خروج المني(٢)] يؤثر فيها [خروج] المذي تأثيراً دون ذلك التأثير من جنسه؛ ألا ترى أن خروج المني لما أوجب الاغتسال كان خروج المذي موجباً للوضوء؟
  وقال أصحابنا في المحرم إذا قبل فأمنى: إن عليه بقرة، وإن أمذى ولم يمن فعليه شاة(٣).
(١) أخرجه أحمد في المسند (١٤/ ٢١٨)، وابن حبان في صحيحه (١٠/ ٢٦٧).
(٢) ما بين المعقوفين هنا والموضع الآتي من شرح التحرير للقاضي زيد (٢/ ٣١٤/ مخ).
(٣) لفظ شرح التحرير: وكذلك عندنا المحرم إذا قبل فأمنى فعليه بدنة، فإن أمذى ولم يمن فعليه بقرة.