باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
  فلما كان ذلك كذلك وكان خروج المني من القبلة يوجب القضاء قلنا: إن خروج المذي يجعل القضاء مستحباً؛ ليكون له تأثير دون تأثير المني في الصوم.
  فإن قيل: لا يخلو صوم الذي يمذي من أن يكون صحيحاً أو فاسداً، فإن كان فاسداً أوجب القضاء، وإن كان صحيحاً فلا معنى للقضاء، ولا مساغ إذاً لاستحباب القضاء فيه.
  قيل له: لا يمتنع أن يكون الصوم صحيحاً ويكون قد عرض فيه ما أوجب النقص، فيجبر بالقضاء(١)، كما تجبر الصلاة بسجدتي السهو، وكما يجبر حج المتمتع بالهدي وإن كان صحيحاً. وليس لأحد أن يقول: إن جبر الحج واجب، فيقولوا في جبر الصوم: إنه واجب، وذلك أنه لا يمتنع أن يختلف حال الجبر، وإنما كان غرضنا أن نبين أن الصحيح قد يجبر لأمر يعرض فيه.
مسألة: [في أن من أصبح جنباً لم يفسد صومه]
  قال: ومن أصبح جنباً لم يفسد صومه، سواء أصبح ناسياً أو متعمداً، من جماع أو احتلام.
  نص في الأحكام(٢) على أن من أصبح جنباً في شهر رمضان فلا شيء عليه.
  وروى عن جده القاسم # أنه يجزئه صومه، واحتج بحديث أم سلمة ^.
  وقلنا: يستوي فيه النسيان والتعمد لأن عموم قوله يقتضيه؛ ولأن أصوله تدل على ذلك؛ لأنه لا يفصل فيما يفسد الصوم بين العمد والخطأ.
  وكذلك الجماع والاحتلام، يستويان بعموم قوله، سيما واستشهاده بحديث أم سلمة وفيه الجماع.
  وهو قول عامة الفقهاء، والإمامية تخالف فيها.
  ووجه قولنا: أنه تعالى أباح الجماع في جميع الليل بقوله تعالى: {فَاءَلْٰنَ
(١) في (ب، ج): فيجبره القضاء.
(٢) الأحكام (١/ ٢٢٨).