شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 359 - الجزء 2

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

  لا ينبغي للحاج أن يهل بالحج في غير أشهره، وأشهر الحج: شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة، ومن أهل بالحج في غير هذه الأشهر فقد أخطأ، ولزمه ما دخل فيه.

  وهذا كله منصو عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ما ذهبنا إليه من أن أشهر الحج شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة قد رواه أبو العباس الحسني | بإسناده في النصوص عن علي # [و] لا خلاف فيه بين الفقهاء، إلا في اليوم العاشر من ذي الحجة، فمن الناس من ذهب إلى أنه ليس من أشهر الحج، وجعل آخرها التاسع من ذي الحجة، والصحيح ما ذهبنا إليه؛ لأنه لا خلاف أن ليلة النحر يجوز الوقوف فيها، والوقوف معظم الحج بالإجماع، وطواف الزيارة وقته يوم النحر، فصح بذلك أن اليوم العاشر من ذي الحجة معدود في أشهر الحج. على أن العشر عبارة عن الليالي، ولا إشكال في أن ليلة النحر من أشهر الحج لما بينا.

  وقلنا: إن من أهل بالحج قبل أشهره يكون قد أخطأ وأساء لقول الله تعالى: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٦]، ومعلوم أن المراد به أن وقت الحج أشهر معلومات؛ لأن الحج لا يكون أشهراً، وإذا ثبت ذلك لم تخل أشهر الحج من أن تكون وقت الاختيار للحج أو وقت الإجزاء، ولا يجوز أن تكون وقت الإجزاء؛ إذ قد دل الدليل على أنه يجزي في سائر الشهور على ما نذكره بعد هذا، فوجب أن يكون ذلك وقت الاختيار، فإذا ثبت أنه وقت الاختيار كان العدول عنه مكروهاً، كما ثبت أن العدول عن أوقات الصلوات - التي هي أوقات الاختيار - لغير عذر مكروه، على أني لست أعرف في هذا خلافاً، فلا وجه للاستقصاء فيه.


(١) الأحكام (١/ ٢٨٢).